المشروعية السياسية لهادي هي أكبر المخاطر
الساعة 01:57 صباحاً

المشروعية السياسية لهادي هي أكبر المخاطر التي تواجه ما بقي لليمنيين من تماسك. هي ورقة وضعها الرجل في قبضة السعوديين والإماراتيين، الجهتين اللتين تجنيان أكثر المكاسب من كون هادي رئيسا. يساق حجاج مستمر مفاده إن الشرعية، وهي كلمة ملفقة يقصد بها هادي، هي آخر ما بقي لليمنيين من حرم. في الواقع هي شأن سعودي صرف، لا يمني. تحت هذه الشرعية تعيش ثلاث دول، في الشمال والجنوب، وفي مطرحين آخرين. لا يعترف الجنوب والشمال بدولة هادي، ومن جهتها لا تعترف دولة هادي بالبقع المحاصرة التي تعترف به رئيسا. هذا الرجل، ونظامه، خطر وجودي ومن الأفضل إدخال اليمن في "حالة الطبيعة"، أي إعادتها إلى وضع الغابة، عن استمرارها في اللاشكل. تفككت دول كثيرة إلى حالة الغابة وفقدت كليا  نظامها السياسي، وأمكن لها مع الأيام مغادرة حالة الطبيعة. وجود نظام ملفق، كما هو لدينا، يقدم خدمة وحيدة للمنتفعين الخارجيين، للكولينياليين البدويين. ومن خلال إيهامه بالدولة يسمح باستغلال ذلك الإيهام داخليا وخارجيا. 

ليكن أن اليمن بلد فقد نظامه السياسي كليا، وخسر دولته على نحو نهائي، ودخل في حالة الطبيعة، في الوضع صفر. وليكن أن ما بقي له: التاريخ، الناس، والجغرافيا. وليكن أن هذا الباقي غير متجانس، وأن للناس سرديات مركزية متناقضة ومتصارعة. وليكن أن هذا الوضع المذهل هو وضع على الطرق البحرية، وبجوار الأراضي الغنية، ويعيش بداخله الآلاف من ذوي النزعات والميول الراديكالية. ليكن أننا، وقد تخلصنا من نظامنا السياسي، أصبحنا لغما أرضيا لأنفسنا ولكل الدنيا. 

 خمسة أعوام من القتل لا القتال، من التحارب لا الحرب، من المكائد لا الكد، من الكمائن لا المنازلات، من التفكك الكبير .. حدث كل هذا تحت ظلال مشروعية هادي، ولا يمكن أن يحدث ما هو أسوأ من ذلك. هذا التفكك الحادث هو الدحض الأكبر لأكذوبة المشروعية السياسية لهادي. 

ما الذي سيحدث لو هبطنا إلى حالة الطبيعة؟ سننزلق إلى حرب الكل ضد الكل؟. هذا ما نفعله منذ خمسة أعوام، وسنجربه لسنوات قليلة قبل أن نكتشف سبيل الخروج. يحول هادي دون اكتشاف الطريق، ويمنع العالم من رؤية مأزقنا. ماذا في الأرجاء سوى ثلاثة أو أربعة من رجال العصابات يكتسبون بطولاتهم من انتصاراتهم التي يحققونها ضد هادي. 

إذا ما خرج هادي ستخرج السعودية والإمارات وإيران. ستتملص هذه الدول المارقة من الذنب، من جريمة تفكيك بلد حتى الصفر، وسنعود لنصبح  مشكلة دولية لا كراسا في حقيبة آل جابر. نحن عالقون في منتصف كل شيء، فلسنا أرض حرب ولا سلام، ولا نحن قضية دولية ولا عربية، حتى إننا لم نتسبب في انعقاد مؤتمر دولي واحد، واستبعدنا من قائمة الشعوب التي يحق لها اللجوء،    فنحن نملك مشروعية سياسية ووهما على شكل دولة. لماذا لسنا مشكلة دولية؟

استعمر السعوديون هادي وعطلوا كل شيء، حتى إنهم حالوا دون هبوطنا إلى حالة الغابة، الحالة النذير، مفتاح الشرور والفرص في آن. 
  

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان