يخفي الأولمبياد خلفه مئات القصص والحكايات التي قد تصنع منها مئات الأفلام، فكل لاعب خلفه حكاية تحد وأمل وطموح، انظر إلى إنجازات أبطال جامايكا خصوصا في الجري حيث يقولون، إن كل لاعب يجري وهو يشاهد أمامه مزرعة وهذه المزرعة تعبير عن حلمه الذي يسعى خلفه، ليحسن معيشته ويرفع علم بلاده في محفل دولي تشهده الكرة الأرضية بأسرها.
من هؤلاء الأبطال الذين يصعب أن يتكرر أمثاله وسطر اسمه بماء الذهب البطل الأمريكي جيم ثورب، الذي قال له الملك جوستاف في يوم تتويج الفائزين في أولمبياد 1912، “سيدي أنت أعظم رياضي في العالم”، وهي الكلمات التي حفرت على ضريحه المشيد من 20 طنا من حجر الجرانيت الوردي والمنحوت عليه صور تمثله، وهو يرمي القرص ويدفع الجلة ويسابق في الحواجز في بلدة “مونش شونج” التي ترعرع فيها، وغيرت اسمها لتصبح بلدة جيمس ثورب بعد انتصاراته العظيمة.
في الألعاب الأولمبية، تجاوز أداء ثورب كل التوقعات. سيطر على كل من الخماسي والعشاري وهي منافسات مركبة يتنافس اللاعب فيها في عدة فعاليات مختلفة في فترة يوم أو يومين، فاز “ثورب” بالميداليات الذهبية في كلا الحدثين رغم سرقة حذائه قبل المنافسة بدقائق، ما اضطره للبحث عن حذاء بديل، فوجد فردتين مختلفتين في سلة القمامة، قام بارتداء الفردتين المختلفتين وأضاف جوارب عديدة لفردة الحذاء ذي المقاس الكبير حتى يصبح ملائما، لقد كان لأصوله كونه من الهنود الحمر الأمريكيين الأصليين دور في ذلك ولا يزال الرياضي الوحيد في التاريخ الذي حقق مثل هذا الانتصار. لقد حطم الأرقام السابقة لمنافسيه بكل سهولة وفي أكثر من لعبة، وحسب النقاد سيظل مجده إلى عقود مقبلة دون أن يتجاوزه أحد.
نافس ثورب في 17 لعبة، فمن الفوز بالعشارية والخماسية حل رابعا في الوثب العالي “1.87 متر” وسابعا في الوثب الطويل “6.89 متر”، ولم تسمح له برمجة المسابقات في خوض سباقات الحواجز.
لم تدم فرحته طويلا فمن بطل يتلقى التهنئة من الرئيس الأمريكي روزفلت ويقام استعراض على شرفه وباقي الأبطال الأمريكيين في الجادة الخامسة في نيويورك بعد العودة من ستوكهولم، انقلب الحال بعد أن نشرت صحيفة “كونيتيكت” خبرا عن احترافه في أحد الأندية مقابل 25 دولارا، وهو ما يخالف قوانين اللاعبين الهواة وجرد من ميدالياته وتحول إلى شخص منبوذ ولم يرد له اعتباره إلا بعد مرور 30 عاما على وفاته.
