عندما فشلت ثورة الدستور في 1948م اتصل رجل الأعمال، أحمد عبد ناشر العريقي بالأحرار وكان أحد أبرز التجار بالحبشة ليخبرهم : استمروا وسأدعمكم.
وكان أول ما فعله بعد فشل ثورة الدستور هو شراء مطبعة لصحيفة (صوت اليمن) الصادرة من عدن.
وقد كان له الفضل بنجاح ثورة ٢٦سبتمبر بشهادة الثوار وفي المقدمة الرئيس السلال الذي عرض عليه وزارة أو منصب رئيس الوزراء بعد الثورة فرفض .
انتصرت ثورة ٢٦سبتمبر وفقد ناشر تجارته ولم يعد لديه سوى دكان في صنعاء يبيع فيه بالتجزئة بعد أن بدد كل أمواله لدعم الثورة.
وعندما حاول أحد هم يسأله بتهكم عندما كان أمام مكانه المتواضع بصنعاء : هيا مافعلت لك الثوره ياعريقي ؟
قال ناشر وبلغة المنتصر : يكفي أن الاولاد يذهبون إلى المدرسة وأننا لبسنا الأحذيه بعد أن كنا نمشي حفاه ...وكان الوقت وقت ذهاب الطلاب الى المدارس.
لقد كان هنا يتحدث باسم كل مواطن وليس باسم التاجر ...( أذكر ان الأستاذ عبد الرحمن بجاش كتب مقالا مطولا عنه).
ذكرت هذا بعد أن قرأت عن وفاة الأستاذ علي عبد الله الواسعي أحد رجال ثورة الدستور وثورة سبتمبر وأحد أهم حملة القلم وأرباب الكلمة.
وعندما سئل هو الآخر بسؤال لايخلو من التهكم
عن ماذا استفدت ؟!
أجاب مباشرة: استفدت الثورة والجمهورية،
وهو جواب لا يفهمه إلا من عرف ماذا تعني الجمهورية والثورة وماذا تعني الإمامة والحكم السلالي ويتذوقه من قضى عمره في الكفاح من أجل تحرر الأجيال.
علي الواسعي من طينة ناشر العريقي والوجه الآخر فهو لم يكن يملك المال، لكنه يملك القلم والكلمة والروح التي تضحي من أجل الناس.
قضى كل هذا العمر متجاوزا الخامس والتسعين من عمره وهو يكافح من أجل الثورة والجمهورية دون كلل أو ملل باعتبار الجمهورية حاملا لكرامة وحرية الإنسان اليمني وعنوان حياة بماتحمل من معاني وجود وإثبات لهوية الوطن...
ذهب الواسعي بهدوء كما ذهب ناشر العريقي والكثيرون من الذين فعلوا كل شي وساهموا بتغير مجرى التاريخ ليأتي المتسلقون والأدعياء ليعيدوا العجلة إلى نقطة الصفر.
غير أن هذه الأرواح التي ضحت بكل ما لديها، يوجد مثلها الكثير وستلد اليمن منهم الكثير حتى تصل هذه المسيرة التحررية ومشروع اليمن الجمهوري إلى بر الأمان يوما يكون فيه اليمن بين النجوم وفي كبد العالم وصدر الدنيا يشار إليه ببنان المجد والتاريخ..
وحينها ستفتح المدارس والجامعات والمراكز الثقافية لدراسة حياة هولاء الأبطال، الذين ستبزغ سيرهم مع إشراقة المستقبل المنشود من عمق الوجدان الوطني، كنجوم هداية بكل عطائهم وبكل شفافيتهم وبكل بساطتهم وبكل تواضعهم المتدفق بالبذل والعطاء..
رحم الله من عاش للناس ومن أجل الناس، الأستاذ علي عبد الله الواسعي وقبله وبعده من سلسلة الكواكب.
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
السعودية تُعدل شروط تأشيرة العمرة.. قيود جديدة على السفر الفردي
-
مسؤول استخباراتي إسرائيلي يكشف عن عدد الصواريخ الباليستية التي تمتلكها إيران حاليا
-
السعودية تُحدث نقلة نوعية: إقامة دائمة بدون كفيل وبمزايا استثنائية
-
أسواق الصرافة تفاجئ الجميع بتغييرات كبيرة في أسعار الدولار والريال السعودي مقابل الريال اليمني..السعر الان
-
منارات المساجد في صنعاء تتحول إلى منصات تجارية.. ما القصة؟
-
مسؤول إسرائيلي يكشف الموعد المتوقع لانتهاء العملية العسكرية ضد إيران
-
بعد عامين من البحث.. أبو بكر الشيباني يجد والده في مستشفى بالقاهرة ويكشف تفاصيل صادمة