البرود الجمهوري حيال الإنتصارات الحوثية
الساعة 10:59 مساءً

 

علق  منصور الشدادي، ابن مديرية رغوان في مأرب، على التسجيل الأخير في صفحتي ..

قال إن مديريته  تتصدى بأربعة آلاف رجل لجحافل الحوثيين، وحيدة

 

وتساءل:

أين هم ال ٣٠ مليون المدافعون عن الجمهورية؟

ومن منهم حتى يأبه لمصير تلك المديرية في شمال مأرب؟

 

يشبه هذا المشهد تلك اللحظة في "البؤساء" حين يلقي أحدهم سؤالا على الثوار في باريس، بعد سنوات عديدة من الثورة الأم: من أنتم، وماذا تريدون؟ فيرد ثائر شاب: نحن فرنسا. يأتيه الرد: إن فرنسا الآن نائمة ولا تعلم عنكم شيئا.

 

هذا البرود الجمهوري اللافت تجاه الانتصارات المتلاحقة للحوثي يضعنا أمام استنتاج أولي يقول إن الناس لم تعد ترى خطرا في الزمن الحوثي (تعيش صنعاء تحت حكم آل البيت منذ أعوام، وقد تصالحت نسبة كبيرة من السكان مع التحدي/ الضاغط التاريخي، وجعلته طبيعيا).

 

هذا الصباح قام محمد البخيتي بنشر التسجيل الثالث، لي، على صفحته وطلب مني إيقاظ المخدوعين والواهمين، حسب تعبيره. يتهيأ البخيتي لاستلام الوعد الإلهي، لا يساوره شك. على الضفة الأخرى ثمة غياب شامل لكل مستويات اليقين. يحل، على نحو متزايد، محل اليقين استعداد خفي لتقبل حقيقة ما، على شاكلة: ملكية فاشية خير من اللادولة. تصبح أوديسة البحث عن الجمهورية وسلسلة حروب الاسترداد نظيرا لمائة عام من العزلة. حرب بلا بطل ولا تشويق ولا وعود هي حرب بلا كعك. إذا توقفت النسوة عن رفد المقاتلين بالكعك فإن الحرب تكون قد فقدت عناصر ثرائها، في مقدمتها الموعودية والبطولة. يراهن الحوثي على دالة غامضة اسمها الله، يراهن الجمهوريون على استيهامات بحتة تفتقر إلى إمكانية التحقق. ينتصر "الله" الحوثي ويخسر مرارا، لكنه واحدا في كل حالاته. على الجانب الآخر تشققت الدالة إلى أخاديد ومحكيات وقصص. الواحد،المتجانس، الهارموني يمسك بالخيوط في لحظة الإعياء. اليمن أرض الإحباط والقهر. قالت دراسة نشرتها مجلة بلوس إن المحبطين أكثر ميلا للارتباط بالجماعات المقاتلة، بحثا عن بطولة فردية، وللتطهر من ضغط الحياة. سبق للمؤرخة أبل باوم أن لاحظت في واشنطون بوست كيف اعتمد خطاب داعش على دعوة الأوروبيين للالتحاق بالمنظمة الإرهابية لمعالجة أنفسهم من الاكتئاب والإحساس بالقهر والاستبعاد. تجد الجماعات الدينية وقودا لانهائيا من الرجال المحبطين، وهم زوادتها لا الأميون كما يعتقد على نحو واسع. فقد قالت دراسة للبنك الدولي إن ٩٣% من مقاتلي داعش متعلمون. الزمن لصالح حروب الجماعات الدينية، وهي لا تصاب بإرهاق الحروب، ولا تتأثر بمقتل قياداتها (دراسة نشرتها الباحثة غوردون قبل خمسة أعوام).

وإذا لم يتبق أمامها سوى القارورة الصحراوية، قارورة سيبيل، فإن حركتها ستكون أسرع وأكثر حسما.

 

من صفحة الكاتب على فيسبوك

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان