عن احتجاجات تعز ومخاطر التثوير
الساعة 04:48 صباحاً

 

والله وبالله وتالله أن كل ما آمله أن ينجح الإضراب والعصيان المدني في اخراجنا من هذا النفق. وإن كنت أتوقع عكس ذلك!
لا يستطيع أحد مصادرة حق الناس في الاحتجاج والغضب.. المهم ألا تتوقف الحياة العامة وألا يتعمق الإنقسام، وأن تكون الأمور تحت السيطرة..
والمهم ايضاً ألا نجد أنفسنا في بحر من الضجيج يوقفنا عن العمل والتفكير وابتكار الحلول لمعضلتنا هذه!
* * *
إن أكثر اليمنيين - بمن فيهم أولئك الذين يشتمونهم - ينتظرون من سلمان وابنه أن ينقذوا البلد مما فيه.
وعلينا ألا نصدق خرافة الموانئ والمطارات وتصدير النفط والغاز.
فاليمنيون يعلمون أن حكومتهم فاسدة وأن النافذين والهوامير قد تضاعف جشعهم أكثر مما كان بكثير، وأن هذه الموارد لو تم تحريرها فإن فضلة خيرها المتفلتة قد تهون مصيبتنا لبعض الوقت لكنها لن تنقذنا!
نحن متواكلون ومتبجحون وأدعياء.. والدولة فعل عظيم لا تقوم على أكتاف الكسالى والأدعياء والراكنين على الهبات.
قوموا إلى بلائكم فارفعوه ولا تهربوا منه وتركنوا لشفقة الأصدقاء وشماتة الأعداء.
وابنوا دولتكم بالعلم والاستقامة والعمل والصبر ولا ترتدوا على أعقابكم وتبددوا تضحياتكم وطاقاتكم في استجلاب الفوضى والصراعات.
* * *
وما دام أكثرنا قد قرر الاحتجاج على هذا الوضع الحرج الذي نعيشه، وهذا حق، وصرخ بعضنا بثورة للجياع، وهذا ما اختلف معه، فإن علينا التفكير في الاف العمال في المحلات ممن يعيشون على الأجر اليومي، حين يتوقفون كرهاً عن العمل بسبب الإضراب القسري المصاحب لهذا الاحتجاج.
وكذلك علينا أن نفكر في أصحاب محلات البضائع سريعة العطب، ممن يخسرون يوميا بسبب الإغلاق.
وعلينا أن نفكر في الهلع والقلق والتوتر العام، ونتائج ذلك من هروب رؤوس الأموال والخوف من #ثورة_جياع تكتسح كل شيء..
ولندرك أننا لسنا وحدنا على هذه الأرض، وأن هناك عشرات الالاف ممن تتضرر مصالحهم بسببنا، ومعهم أسرهم، ومعهم نحن المتضررون بشكل غير مباشر من الاضرار التي تلحق بهم وتضر باقتصادنا ومعاشنا فوق الأضرار التي نعانيها!
* * *
وبرأيي فإن هذا الاضراب والعصيان المدني المفروض في تعز يتسبب بخسائر مالية كبيرة وفي نفور رأس المال ويؤدي إلى ركود وتدهور اقتصادي فوق التدهور الذي سببه انهيار العملة.. وكل الفوائد المرجوة منه كإيقاف عملية المضاربة بالعملة "بالنسبة للصرافين" أو الضغط على تجار الجملة لتخفيض الأسعار لن تتحقق، خصوصاً وأن الإضراب والعصيان حالياً في تعز وحدها فيما الحياة مستمرة في باقي المحافظات.
وما نتوقعه من أثر قد يحدثه اضراب تعز وعصيانها وهي المصنفة كمحافظة مشاغبة وعاقة محلياً وإقليمياً قد لا يؤتي أكله كما يظن البعض.. وبعد هذا كله، ما هي الفائدة التي سنجنيها من الاضراب والعصيان المدني يا ترى؟!
* * *
فلنأخذ نموذج عدوتنا "إيران" وتجربة شعبها في مواجهة التضخم الذي وصلت إليه عملتهم "الريال الإيراني" بسبب الحصار الذي سببته ممارسات نظام الملالي هناك..
فقد بلغ التضخم في إيران 42 الف ومائة ريال للدولار الواحد.. أي أن المائة دولار تساوي 4 مليون ومائتين وعشرة الف وخمسمائة ريال ايراني.
والصحيح أن هناك نظام كهنوتي سبب هذه الأزمة، لكن الأصح أن هناك شعب حي ودؤوب يعمل ويبني وينتج ويتعلم ويمارس الرياضة ويعيش حياته لأقصى حد متاح..
ومع ذلك فالقانون مقدس والأمن مستتب والنظافة والنظام والالتزام مبدأ أساس، ومشاريع البنية التحتية تسير بوتيرة عالية وكبيرة، ولا شيء يتوقف رغم الحصار الخانق والعزلة الدولية والسلطة الغاشمة إلا أن الحياة مستمرة وعلى أعلى مستوى.
ولو أن إيران لا تستنزف مواردها في البرنامج النووي وتسليح المليشيات الشيعية في المنطقة بالاضافة إلى جبايات الملالي للخمس لأصبحت من الدول الأكثر تقدماً..
ناهيك لو رفع الحصار عنها وسمح لها بتصدير صناعاتها للخارج، أظنها ستكون من الدول العشر الأقوى إقتصاديا.
الإيرانيون أولى بالثورة منا، لكنهم كلما هموا بها نظروا إلى الكلفة التي قد تفقدهم كل ما بنوه خلال عقود وربما قرن من الزمان، فآثروا الحفاظ على بلادهم ودولتهم، والالتفات بحثاً عن البدائل في العمل والبناء والتعليم والتجهز لغد أفضل، لعل الأيام تدور وترخص كلفة التغيير الذي ينشدوه إلى مستوى لا تتفكك فيه بلادهم ولا تدمر ولا تضيع مكتسباتهم التي انجزوها فيما مضى من السنون.
#ثورة_الجياع

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان