ألاعيب الصبيان
الساعة 01:50 صباحاً

نتضارب ونتقاتل على أيش، اسكه قولوا لي؟
اقتصاد البلد تعبان، والوضع في كل المحافظات المحررة وغير المحررة منيل بستين نيله، والمجتمع مفكك، وعجلة التنمية في كامل البلاد تسير بأقدام سلحفاة عمياء، والحروب الأهلية نشطة في كل الجبهات، ومعدل سنوات الهدوء والسلم في حياة اليمنيين المتعبين تبدو ضئيلة جداً إذا ما قارناها بمعدل سنوات الحروب التي تقرح دائمًا تحت مسميات حماية الثورة والجمهورية والوحدة والحفاظ على وحدة الصف!

قادة المعسكرات المنتصرة في فك حصار السبعين يومًا تم تصفيتهم سريعًا، وقيل لنا إن ذلك تم من أجل المصلحة العليا للبلد وللحفاظ على وحدة الصف!

المواجهات الدموية بين جبهة التحرير والجبهة القومية بعد الاستقلال مباشرة في الجنوب هي الأخرى قيل إنها تمت من أجل المصلحة العليا وحماية وحدة الصف.

الحروب الشطرية سنة 1972وسنة 1979، وحرب الجبهة مطلع الثمانينيات، وحرب 13 يناير 1986، وحرب صيف 1994، وحروب صعدة الـ 6، والمواجهات المسلحة بين وحدات الجيش سنة 2011، والحرب الأخيرة المدمرة لكل الطاقات منذ انقلاب الحوثيين في سبتمبر 2014 وحتى الآن كلها حروب عبثية مدمرة قيل لنا بأنها من أجل المصلحة العليا للبلد وللحفاظ على وحدة الصف!

وما الذي جنيناه خلال الخمسين السنة الفائتة في سبيل المصلحة العليا والحفاظ على وحدة الصف غير أننا من بعد أحداث أغسطس الدموية 1967 صرنا أصحاب "مطلع" وأصحاب "منزل"، ومن بعد أحداث 13 يناير صرنا "طغمة وزمرة"، ومن بعد 7 يوليو 1994 صرنا دحابشة وانفصاليين، وخلال حروب صعدة الطاحنة عدنا مُعردسين إلى خانة المذهبية، ومن بعد 2011 صرنا عفافيش وخرفان، من بعد انقلاب الحوثيين في سبتمبر 2014 عدنا إلى كل المربعات القديمة وزيدي وشافعي وسني وشيعي وروافض ونواصب وقاعدة ودواعش وخسرنا الوعي الوحدوي شمالاً وجنوباً يا للأسف!!! وازدحمت المقابر بجماجم اليمنيين أنفسهم، امتلأت السجون والمعتقلات بأنين اليمنيين أنفسهم، ولدينا رصيد حافل بمجانين يمنيين فقدوا عقولهم في معتقلات تعذيب يمنية صرفة، وقيل لنا إن ذلك كله حدث ويحدث حفاظًا على وحدة الصف!

ومن يوم تكعدلنا إلى الحياة عموماً وهذا حالنا أبو يمن، نقاتل بعضنا بعض لأسباب تافهة ونغض الطرف دائماً عن نتائج الحروب الكارثية، لماذا؟ ببساطة لأنه قيل لنا -دائمًا- إن ذلك تم من أجل المصلحة العليا للبلد، بغض النظر عن الأذى الذي ألحقوه بالمجتمع، وتلك في حقيقة الحال هي ألاعيب الصبيان التي خسرت البلد طاقته وخيرة أبنائه ولا أعرف متى سيهدأ هذا البلد ويلتفت أبناؤه إلى التنمية؟!

لدينا مخزون سيئ من الذكريات السياسية عموماً، وكل جماعة تصل إلى السلطة هنا تتفرعن ويصير في اعتقادهم أنهم أسياد هذا الكون في حين أنهم -أصلاً- مخلوقات ناقصة لا تتمتع ببعد النظر والحكمة الكافيين ليروا عواقب ما فعلوه بنا كشعب.

وعلينا الآن تحديداً بعد كل هذا الخراب الذي حل بنا جميعا أن نخوض حروبا أخرى بطرق معينة وأفكار مختلفة على غير ما ألفناه في كل حروب الوصول إلى السطة.. ونحن إلى الآن لم نخض حربًا واحدة من أجل الحب والبناء والتنمية.. وإنه لجدير بنا أن نحمي الجمهورية والثورة والوحدة والوطن ووحدة الصف بالمواطنة المتساوية ودولة النظام والقانون مُش بـ"العيفطة" أو بخرافة السلالة أو بالحنين إلى لحظات سيئة من التاريخ.

وإنه لمن المعيب علينا كشعب وأمة واحدة أن نقضي بقية حياتنا على هذه الحالة من الشتات والاستنفار، البنادق مصوبة إلى رؤوس بعضنا بعضاً، والأصابع ترتجف على الزناد، وحروب الحفاظ على المصلحة العليا ووحدة الصف مزقتنا أشتاتاً وخربت المجتمع وأودت بالبلد إلى أسفل سافلين..!

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان