لم يكن أمام السوريين من خيار لإسقاط نظام الأسد سوى ما خلقه النظام نفسه من الأسباب والشروط لقيام معارضة مسلحة ، ضمت لفيفا من أبناء الشعب السوري ممن تعرضوا للاضطهاد والملاحقة ، بنحلهم وتوجهاتهم المختلفة . التقوا عند نقطة واحدة وهي إسقاط النظام المستبد .
كان ذلك هو الهدف الجامع لهذه القوى التي تمكنت فعلا من إسقاط النظام ، ثم توسعت فيما بعد ، عندما وجدت الأمر قد تحقق بتلك السهولة ، إلى تفكيك الدولة لتعيد بناء بعض مؤسساتها على عجل ، كان لا بد أن تترتب عليه تحديات كبيرة أمام النظام الجديد .
غير أن هذا الهدف الجامع لم يرافقه معادل موضوعي لفكرة وطبيعة النظام الذي تسعى هذه القوى لتأسيسه في الواقع .
عمل القائد "الشرع" بذكاء وحنكة على تقديم سيناريو سياسي نظري مقبول وطنياً وإقليمياً ودولياً لمشروع التغيير ، لكنه ، وهو يقدم ذلك السيناريو الذي جاء مشحوناً بعاطفة ثورية أغفلت تعقيدات الواقع الذي ثار عليه ، وأن الألغام التي خلفها النظام القديم مهيأة للانفجار في وجهه في أي لحظة ، فيما عدا ، ربما، إدراكه أن القوة "الصلبة" ، أي المسلحة ، التي تصدت لعملية التغيير ليست بذات التماسك والاستيعاب السياسي والفكري لما أعلنه من توجهات عامة .
هذه الفجوة بين هدف الإطاحة بالنظام الذي اتفقت عليه القوة" الصلبة" من ناحية ، ومتطلبات "المشروع" السياسي والاجتماعي المعلن من ناحية ، لم يستطع ذلك الحوار الوطني السريع ، والذي طبخت قرارته على عجل أم يملأها . ومن هذه الفجوة راحت القوى المتربصة بالتغيير تتسلل وتعيد بناء خلاياها داخل بنى اجتماعية وسياسية متوترة ، وباحثة عن اجابات لأسئلة مرتبطة بمستقبلها ، ولاسيما طائفة العلويين في الساحل السوري ، و أكراد قسد في الشمال ، و الدروز في الجنوب .
كثير ممن رحبوا بهذا التغيير كانوا منطلقين من أنه أسقط نظاماً دكتاتورياً كان قد تحول إلى ذراع للنظام الايراني ، وسهل له مهمة أن يتمدد على أكثر من نطاق لتسويق مشروعه الذي أخذ يمزق النسيج الوطني في أكثر من دولة عربية ، بل ويهدد أمن المنطقة كلها .
كثير ممن رحبوا بهذا التغيير كانوا منطلقين من أنه أسقط نظاماً دكتاتورياً كان قد تحول إلى ذراع للنظام الايراني ، وسهل له مهمة أن يتمدد على أكثر من نطاق لتسويق مشروعه الذي أخذ يمزق النسيج الوطني في أكثر من دولة عربية ، بل ويهدد أمن المنطقة كلها .
كان اليمنيون من بين أولئك الذين ربطوا التغيير بهذه المقاربة التي نظروا إليها من زاوية أن تفكيك حلقات المشروع الايراني ستنعكس إيجابياً على ما يواجهه اليمن من تحديات كارثية بعد أن أصبح الحوثي ذراعاً استراتيجيا لإيران ، لا يقف عند حدود تأدية المهمات التكميلية أو الهامشية ، فقد بات يؤدي وظائف ذات بعد استراتيجي للنظام الايراني في البحر الأحمر والمحيط الهندي وشرق أفريقيا وصولاً إلى عدد من دول وسط أفريقيا .
كان الجميع يدرك أن إيران لن تسلم بما حدث في سوريا بسهولة ، لكن لم يكن أحد يتوقع أن تتهيأ لها الظروف لإحداث اختراق بهذا الحجم وبهذه السرعة . طبعاً إيران تلعب دائماً على ما توفره لها الأوضاع الداخلية من ظروف ومعطيات .
إن العنصر الأهم في عملية الاختراق تلك هو تلك الاستجابة العشوائية التي جاءت من داخل رحم القوة "الصلبة" لتحقيق الهدف الذي بيتته تلك العملية التي كانت تعلم مسبقاً انها ستفشل لكنها ستخلق تداعيات خطيرة تعمق الشروخ والمخاوف في مجتمع لم يستطع بعد أن يتجاوز جروحه ويغادر أفخاخه العديدة .
لا بد من الوقوف مع سوريا لتجاوز هذا الفخ الكبير ، ودعم التوجهات الوطنية لإقامة دولة ديمقراطية تحمي الجميع ، حتى لا نبدو كمن ينطبق عليه المثل " نتقاسم الفرح والحزن يشيلوه أصحابه"
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
تصعيد إعلامي غير مسبوق: قناة الانتقالي تُثير الجدل بوصفها للرئيس صالح
-
شركات الصرافة تفاجئ الجميع بتسعيرة جديدة للدولار والعملات الأجنبية!
-
أسعار جديدة لتذاكر طيران "اليمنية" إلى كافة وجهات السفر الخارجية.. بالدولار والريال السعودي
-
من هو الزعيم اليمني الذي تحدّى بريطانيا.. بين الأسطورة والاختفاء الغامض!
-
حادث مساوي..وفاة مغترب يمني في إثيوبيا عقب تعرضه لحروق..الاسم والصوره
-
"ترامب" يحسم موقفه بشأن الترشح لولاية ثالثة.. ويعلق: أنا أدير العالم
-
مصر.. توقف قلب فنان مشهور 4 دقائق وتدهور حالته الصحية..الاسم والصورة