لم يكن اليمن بلداً منتجاً للأنبياء ، لكنه كان مخزنا لميراثهم الإيمانيّ ومبادئهم الانسانية والأخلاقية . تجلت تلك العملية التاريخية في شخصية الانسان اليمني البسيط الذي شكل على الدوام "الإيمان المتحرك" على الارض يزرعها ، ويعمرها ، ويسكنها ، ويدافع عنها ويحميها ، ويحولها إلى موئل للمضطهدين الهاربين بمعتقدهم من أقطار أخرى من نير البطش والتسلط بإسم الدين .
اليمني البسيط هو مخزن هذا الميراث بإيمانه واخلاقه ومعاملاته وعمله وحبه لبلده . وهو الذي راح ينتقل من جيل إلى جيل ، يقاوم كل الذين ارادوا أن يعيدوا صياغة هذا الميراث لخدمة حكمهم وتسلطهم . نجح هؤلاء المتسلطون أحياناً كثيرة ، تارة بادعاء النسب ، وكانوا أسوأ وأقبح من أساء إلى هذا الميراث ، وتارة أخرى بإعادة تشكيل هذا المخزون بقوالب أيديولوجية دوغمائية تأخذه بعيداً عن مضامينه الروحية والمعتقدية والأخلاقية بصورة تتفق مع الحاجة إلى منهجٍ للسلطة والتسلط -لا للحكم- ؛ ذلك أنه بمجرد أن يوظف هذا النوع من الايديولوجيا في السياسة فإنه يحول الحكم إلى تسلط لا يقبل القسمة على اثنين ، لأن الآخر دائماً "في النار" . ويفقد الحكم معناه حينما يتحول إلى تسلط .
غير أن هذا الأخير أخذ يعيد تشكيل نفسه في واقع اجتماعي وسياسي شديد التعقيد ، ناشئ عن تحولات وتغيرات أخدت تذوّب الايديولوجيا في براجماتية المصالح المرسلة والمكتسبة ، مما يعني أن هذا المخزون الذي يحمله بسطاء اليمنيين أخذ يفرز تفاهمات وطنية كانت مستبعدة حتى وقت قريب ، فيما عدا أولئك النفر ممن جعلوا من النسب وسيلة لنقع هذا الميراث في بحيرات من الدم لادامة التسلط على بلد لا يشبهونها في شيء .
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
السعودية تُعدل شروط تأشيرة العمرة.. قيود جديدة على السفر الفردي
-
السعودية تُحدث نقلة نوعية: إقامة دائمة بدون كفيل وبمزايا استثنائية
-
مسؤول استخباراتي إسرائيلي يكشف عن عدد الصواريخ الباليستية التي تمتلكها إيران حاليا
-
أسواق الصرافة تفاجئ الجميع بتغييرات كبيرة في أسعار الدولار والريال السعودي مقابل الريال اليمني..السعر الان
-
منارات المساجد في صنعاء تتحول إلى منصات تجارية.. ما القصة؟
-
مسؤول إسرائيلي يكشف الموعد المتوقع لانتهاء العملية العسكرية ضد إيران
-
بعد عامين من البحث.. أبو بكر الشيباني يجد والده في مستشفى بالقاهرة ويكشف تفاصيل صادمة