السابع من أكتوبر فوائد و حذر
الساعة 08:35 مساءً

و نحن نتابع معارك غزة، بل ملحمة المقاومة الفلسطينية، نقف أمام عملية نوعية، بل بطولة خيالية، بما أقدمت عليه من عمل تطلّب منها بلا شك و قتا من التخطيط و فرق عمل، و وقتا من التدريب، ووقتا من جمع المعلومات، و عددا من الرجال عند تنفيذ هذه العملية، التي أذهلت بدقتها و سريتها، و حسمها كل أعداء المقاومة، فامتلؤوا غيظا، و حنقا، و أذهلت الأقارب و الأصدقاء فاغتبطوا سرورا و امتلؤوا حبا و إعجابا، و قد كانوا- و لا نزكي على الله  أحدا- رجالا من نوع تميز إيمانا بالحق و كتمانا للتحرك، مع إقدام و بسالة.

   إنها صفات أينما و قعت نفعت، و حيثما توفرت أثمرت، و هي صفات يُكْتسب جانب منها بالتنشئة و الإعداد، و جانب منحة يمنحها الله مَن جَدَّ في طلبها، و تربّى على أسسها: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين»،  « والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم»، « ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز». و ما من جيش في العالم إلا و له عقيدته القتالية عبر التاريخ، و من كانت عقيدته رخوة؛ كانت نتيجته محصلة لتلك الرخاوة.

   أحداث العالم تتخذ منه الدول اليقِظة ما يفيدها ؛ إما حذرا من أن تقع في سلبياته، أو استفادة مما تجده في إيجابياته، فيما آخرون: لا يحذرون و لا يستفيدون، و أسهل شيئ لديهم؛  دول أو أحزاب أن يتبادلوا الجلد لبعضهم، أو التباري في تحقير أي عمل، أو التقليل من أي انجاز ، مما يساعد المرجفين و يخدم المتربصين ..!!

   إن لنا ظروفنا الاستثنائيّة في اليمن، و من المهم و الأهم أن نعزز - رسميا و شعبيا - واجب الإعداد و الاستعداد ، و بذل الجهد، و الله بيده النصر و التوفيق(وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم).

   و مادامت ظروفنا تتشابه حصارا، و شحة موارد، و تسليحا، فإن لنا - حكومة و شعبا- عظة من غزة و عبرة، نطرح معها المبررات جانبا ونعمل بإيمان و تضحية، و إعداد بالمتاح، مستعينين، و متوكلين على الله الذي بيده ملكوت السماوات و الأرض ،  و بيده النصر و الظفر.

   يجب علينا ألا نحقق لأعداء أمتنا و شعبنا ما يفترضونه فينا، أو يريدونه منا، من تمزق و اختلاف، و علينا أن نرسخ في شعبنا و أمتنا؛ عقيدة متجذرة- لا مجرد معنويات فحسب- تحقق مُعْطَى قوله تعالى:( وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا).

   من كان يتوقع حجم و عظمة نتائج هذه العملية النوعية: طوفان الأقصى الذي زلزل الأرض تحت أقدام جيش الكيان الصهيوني الذي قيل عنه يوما أنه لا يُقهر؟

   بعد نكسة العرب المشؤومة في حزيران 1967،وما حققه الصهاينة من نتائج، قال مجرم الحرب الصهيوني آنذاك موشي ديان:

« إن ما حققناه من نتائج يفوق أبعد أحلامي تصورا». فما الذي يقوله لسان حال و مقال  مجرمو جنرالات الحرب الصهيونية اليوم؟

    لقد بلغ الإجرام الصهيوني ذروته، و تمادى في عربدته وغطرسته، يعتدي،  و يقتل، و يدمر، و يحرق، و يختطف، ويجد من دول الظلم من يدافع عنه، ويبرر جرائمه و همجيته.

    ما أشبه تعز بغزة، و ما أشبه اليمن بفلسطين، و ما أشبه الحوثية بالصهيونية ! عصابة قدمت إلى فلسطين من أقطار الدنيا فوجدت من يدعم إجرامها و يساند فاشيتها، و الحال مثله هنا مع العصابة الحوثية التي انقلبت على اليمن و على اليمنيين، فوجدت من يحميها و يساندها مكرا باليمن، و تآمرا عليه.

   و مثلما تصدى الشعب الفلسطيني و مقاومته البطلة للكيان الصهيوني، تصدى الشعب اليمني و مقاومته الباسلة ،والجيش الوطني لمليشيا الكهنوت  الحوثية.

 

   وجاء الطوفان.. فدمدم عليهم ربهم برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، و بفتية آمنوا بربهم، و بنساء يأتي إحداهن خبر استشهاد وحيدها فتبتهل تهليلا و تكبيرا رضا باصطفاء الله له.

وهو أبلغ رد للمنهزمين، و المُخذّلين و المرجفين الذين يقولون هنا و هناك و هنالك ما حاجتنا لفقدان كل هؤلاء الشهداء؟ أو يقول آخرون: إنهم يلقون بأنفسهم إلى التهلكة؟ و كأني بالقارئ الكريم يرد على هؤلاء: و هل تعتقدون الكفاح و الجهاد نزهة في حديقة، أو ترويحة على شاطئ بحر !؟

    ندرك جميعا أن طوفان الأقصى لم يأتِ  من الأمنيات، و لا من الأحلام الوردية، و لكن جاء بإعداد و بناء يقوم على الإيمان«من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه» بناء بالتربية، بالإعداد، ، بالصبر من الجميع، بالثقة بالجميع، برص الصفوف « و لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين».

    و في مثل هذه الظروف، التي مرت بها غزة، و تمر بها اليمن لا بد من الاحتراز الأمني، سعيا في الحصول على ما يمكن من معلومات عن العدو، وحرصا شديدا على حجب أي معلومة  لأي أحد إلا في نطاق المسؤولية المحددة.

   عندما نقف أمام عملية طوفان الأقصى، ندرك  بلا شك أن هناك أعددا كثيرة خططت، و اعدت و جهزت... و كان هناك زمن طويل، و أن هؤلاء جميعا كانت لديهم عن العملية معلومات، و لكن ثبت أن كل واحد منهم كان عند مستوى مسؤوليته و أمانته و دينه، و وطنيته و الثقة بنفسه، و الثقة العالية ببعضهم البعض، و أن الأمر يتطلب غاية السرية، و السرية المطلقة. وكانت هذه هزيمة أخرى أذهلت كبريات أجهزة الاستخبارات الدولية و الصهيونية.

   كم مليار من الدولارات كان يمكن أن يدفعه الكيان الصهيوني للحصول على معلومة ليتفادى بها  عملية طوفان الأقصى؟

   إن الإيمان لا يركع.. و إن الإيمان لا يخون.. و إن  مواقف الأحرار، لا تشترى.. و إن ذمم الأحرار لا تباع.

   إن الاعتماد على النفس يولّد العزيمة ، و إن الركون يولّد الاسترخاء. و الاعتماد على النفس يحتاج إلى اصطفاف، وحب متبادل، و أخوة راسخة، و وطنية حرة ،و بهذا يكون التساند، و التعاضد و التآزر :« سنشد عضدك بأخيك».  و يكون النصر بإذن الله.

    عاش الفلسطينيون أقسى الظروف، و وجدوا أنفسهم وجها لوجه في ميدان المواجهة العسكرية الشاملة، وكان أمامهم أحد طريقين: الاستسلام للعدو، و هو مرفوض دينا وشرعا، أو الجهاد وهو مأمور به دينا وشرعا، و ما أشبه أرض المَدَد بأرض الرباط، و تعز بغزة.

  -  لا شك وجد من يقول لهم ماذا ستفعلون أمام عدو يمتلك اسلحة جبارة تسد من كثرتها عين الشمس؟ و للعدو إعلام وعملاء، و مرجفون يخذّلون ويخوّفون( لا تخرجوا في الحر). فقرروا الأخذ بخيار الجهاد « أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير».

   قد يسمعون بلبلة تأتي من الداخل أو الخارج، و من قنوات فضائية ، و زعامات، يقولون: أنتم تُقتِّلون بأبناء الناس؟ أنتم تلقون بأنفسكم إلى التهلكة؟

    أليس الجهاد تضحية، و استشهاد و جراح و قتال؟ أم كيف يفهم المشككون القتال و الجهاد؟

    كان غرور القوة الصهيونية قد بلغ أعلا مستوى الشيطانية:  قتلَ، دمّر، أحرق، اختطف، اقتحم الأقصى. هذا جانب الكيان الصهيوني الغاشم. وكانت كتائب الإيمان قد استجابت للنداء الرباني( انفروا خفافا وثقالا ).

   كانت المقاييس المادية تقول:(ما ظننتم أن يخرجوا)، وكانت تقول لليهود:( وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله).

    ألسنا -هنا- في جو غزوة بني النضير:( هو الذي أخرج الذين كفروا من ديارهم لأول الحشر ماظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله....... فاعتبروا يا أولي الأبصار).

    طرحت المقاييس المادية جانبا، و جاء:(فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب). و بهذا المدد، و بهذه المشيئة الربانية، يصبح السلاح في يد صاحبه  :

 

   و من في كفه منهم حسام   كمن في كفه منهم خضاب

    لقد طغى الصهاينة و بغوا بغرورهم وظنوا أن حصونهم مانعتهم من الله..  فما الذي حدث؟ (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب......).

   شهد العالم أجمع رعب الصهاينة،  و شهد العالم أجمع صولة المجاهد الذي ينتزع الدبابة بالبندقية الآلية:( فاعتبروا..... ).

   يا أيها المجاهدون في كل مكان:  أعدوا و استعدوا، و ثقوا بالله و اصبروا و صابروا و رابطوا، و توكلوا على الله و اعتمدوا عليه إنه نعم المولى و نعم النصير.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان