من الحكمة اليمانية إلى كلّ يماني
الساعة 06:14 مساءً

خلاف نشب بين صحابيين قبل ألف وأربعمئة عام، إن شئت أن تنحاز إلى أحدهما، فكن صحابيًا أولًا، فتقابل طرفين يشترط النّدية، وهما ندّان، وأنت لست ندًّا لأحدهما حتّى الذي قال عنه التاريخ مخطئ.

لا أدري إن كنت مثلي أم لا. وأنا طفل صغير، كان يحدث خلاف بين أبي وعمّي، فأتجاوزه غير مكترثٍ، كما لو كان مشهدًا من مسلسل على التّلفاز، لأنّي تربيتُ على عدم التّدخل بين أخوين، هذا أبي وذاك عمّي بمقام أبي، الأنحياز إلى أحدهما ليس برًّا به، بل عقوقًا بكليهما، فكلاهما لن يرضى تدخلي، وكلاهما سيرى حاجتي إلى إعادة تربية تلزمني حدودي.

إذا حقّقت هذا الشّرط، وصرت صحابيًا، بقي شرطًا بسيطًا، وهو أن تعود بالزّمن إلى حيث اختلفا، لأنّ الله يقول «تلك أمّة قد خلت»، ومكارم الأخلاق تقول، ليس من المروءة حديث المرء عن غائب بما يكره، فما بال حديثه المكروه عن ميّت؟!

تعال هنا نتكلم بالعقل والحكمة اليمانية.


تخيل يا أخي أنّك طالب، تجد في المنهج فصلًا طويلًا في غاية الغموض والتّعقيد، ثمّ تسمع المعلم يقول لك: (لا تشغل بالك، هذا الفصل غير داخل في الامتحان البتّة)، حتمًا ستشعر بالسعادة والامتنان، لأنّ عبئًا ثقيلًا قد حلّ عن كاهلك.

هذا الشّعور لا يعدل شيئًا أمام شعوري بقول الله تعالى: «تلك أمّة قد خلت»!

نعم. إنّها من أعظم آيات القرآن التي أستشعر بها رحمة الله بعبده الضّعيف!

«قد خلت»، ما يعني أنت معفي من كلّ هذا العكّ المسبب للصّداع ووجع القلب، وهذه لعمرك راحة دنيوية.

«قد خلت»، ما يعني أنّك لن تلقى سؤلًا من التاريخ بعد موتك.

لا تقلق، لن يسألك منكر ونكير، أي الصّحابة كان أفضل؟ ولا أي الصّحابيين كان أحق بالولاية؟ ولا أي الطّائفتين المؤمنتين بغت على الأخرى؟

لن يسألك الله يوم القيامة حول موقفك من صفين وموقعة الجمل.

لن يضع الله على ميزانك يوم الحساب بكائك على الحسين.

فبالله عليك، ماذا أبقيت للحكمة اليمانية، وأنت تترك منهج الاختبار، وتفتّش في كتب التّاريخ عن أولياء تبكي عليهم، وخصوم تكيل لهم الشتائم؟!

لقد أورد الله قصّة فرعون في القرآن الكريم، فأنا أؤمن إيمانًا يقينيًا أنّه طاغية جبار متكبّر، ومع ذلك لا تجدني أسبّه، لأنّ الله لم يكلّفني بذلك، إنّما ذكر قصّته للاعتبار وكفى.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان