"الرويشان" وقلوبنا الممزقة..!!
الساعة 08:29 مساءً

رغم أننا هذه الأيام نكتفي بالأفراح الصغيرة لمواجهة الأوجاع التي تحرقنا من الداخل كالحطب اليابس، لكن هناك من لا يريد لنا أن نستمر في هذه الحياة لنتخيل أننا نملك القدرة على الصمود في وجه المنغصات، فكلما ضاقت قلوبنا وسّعناها قليلاً كتلك الحقائب التي يحملها اليمني عند عودته إلى بلده ولو أدى ذلك إلى تمزيق شيء من قلوبنا لتستوعب ما يقولونه عن رموزنا..

أيها الترول*: لا تطرق باب صمتنا كلّ هذا الطرق الموجع، لا تستفز انكسارنا وغُلبنا على أمرنا بالتطاول على كعبة الأدب وقبلة الثقافة، لا تجعل كلماتك الفارغة إلا منك تدق في كهوف ذاكرتنا فيأتيك رجع صمتنا موجعاً ومخيفاً..
ألا تعلم ‏"أنّ للمحن آجالاً و أعماراً كأعمار بني آدم، لابدّ أن تنتهي"، وقد تكون منشوراتك جرس إنذارٍ لإيقاظ شهية التمرد على واقعٍ مضرجٍ بالخيبات والمطالبة بعودة نبضنا المنفي إلى حبّة القلب ولبّه..!!
لماذا تحاول خلط الأزمنة وتكدير حياتنا أكثر مما هي مكدرة ومغبرة داخل هذا السجن الكبير..؟
لماذا تطلق وسمك وسفاهاتك على قديس الأدب وقنديل الثقافة وتحاول أن تقتات من اسمه..؟!
متى تدرك أن "خالد الرويشان" لا يكتب بأصابعه، بل بأصابع كل يمني غيور على بلده وعاشق ترابها..؟
ألا يكفي ما رأيته على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من مشاعر الحب تجاه رمز الأدب وأيقونة الجمال والإبداع حين حاولت أن تحجب شمس كلماته بغربالك البائس..؟
ألا تستشعر هذا الحب المتفرد الذي يحلق بنا في فضاءاتٍ وأكوانٍ بعيدةٍ ليؤكد أن ثمّة مشاعر عظيمة لا علاقة لها بالمصالح ولا بالانتماءات بمختلف مسمياتها وإنما خالصة لوجه الحبر والحرف..؟
ألا ترى حملات التصدي لمحاولاتك المتكررة لإنهاء الحياة المضيئة في داخلنا ومد العتمة للاستيلاء علينا، وإخراج الأشباح لإرعابنا حتى نفقد القدرة على الصمود وتمكينهم من حفر القبور لمشاتل الحب التي تنمو داخلنا..؟

لن أخوض في موضوع الوطنية التي تحاولون أن تزايدوا بها علينا، وخصوصا الحملات التي تطال الأستاذ "خالد الرويشان"، فوطنية هذا الرجل لا تحتاج لمن يدافع عنها؛ كون المؤكد لا يحتاج إلى تأكيد ويكفي أنّه فضل البقاء في صنعاء رافضاً كل المغريات التي عرضت عليه؛ ليعيش مثله مثل المسحوقين من أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره؛ لكني سأغلق الآن كل ما تبقّى من نوافذي وأنام في السطر الأخير من رواية محمود ياسين "تبادل الهزء بين رجل وماضيه"، وأتمنى حين أستفيق أجد حولي مساحة شاسعة من الضوء، وذلك الظرف المنسي أسفل الصخرة، علّي أُشفى من ذاكرتي وأُقلب صفحة من كتاب العمر العصي أمام أياديكم التي تستميت لتمزيقه.

*الترول: لفظة أوروبية قديمة تعبّر عن قزم أو عملاق قميء يعترض رحلات المسافرين ويعكّر صفوها، لكنها تستخدم بشكل حديث للتعبير عن أولئك الذين يحاولون تكدير حياة الآخرين، عبر منشورات مستفزّة في مواقع التواصل الاجتماعي.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان