وعاد رمضان
الساعة 08:03 صباحاً

يعود شهر رمضان المبارك، و العود أحمد ! و كيف لايكون العود أحمد و رمضان هبة ربانية، و منحة رحمانية، أودع الله فيه فيضا من المغفرة و الرحمة و الرضوان، ما لا يحصيه إنسان، و لا يمنعه شيطان« شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن. هدى للناس وبينات من الهدى والفرقا».

يا له ذلك الفيض الكريم.. هدى ، و بينات ،   و يا له ذلك الفيض الذي حثنا عليه، و استلفت انتباهنا إليه النبي المصطفى عليه الصلاة و السلام : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )!!

وأي خير و فيض ذلك الذي نتلوه في محكم التنزيل و أٓي الكتاب العزيز، حيث أودع الله في رمضان ليلة؛ هي خير من ألف شهر !

هذا فيض لا يُحصى، و كرم لا يُعدّ : (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار).

شاء الله عز و جل أن يميز أزمنة و أمكنة، و هذا التمييز للزمن و المكان؛ إنما هو هبة من هبات الله للمؤمنين إذ جعل الله بهما  فرصة يضاعف الله فيهما أجر المسلم ؛ لأن الله خص هذا الوقت أو الزمن، وذاك المحل أو المكان بفضيلة بجعلها بابا لتعاظم الأجر  كعرفة مثلا يوم عرفة، و لأفضلية الوقت كالجمعة، أو الأيام العشر..  و غير ذلك.

وهذا النفع و الأجر؛ إنما هو نفع للإنسان المستجيب لله :(ياأيها الناس استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم  واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه و أنه إلي تحشرون).

فرمضان زمن جعل الله فيه ميزة و خصوصية يتعاظم فيه الأجر لأعمال الخير، و عمل البر و التقوى ، و مضاعفة الأجر للعمل الصالح، فليس الشهر من يعطي الفيض، و لكن الله جعله ميدان تنافس بين المؤمنين، و بين لهم الخيرية التي جُعِلت فيه ليتنافسوا في الطاعة و العمل الصالح (وأن تصوموا خيرا لكم). 

وليلة القدر إنما هي زمن لساعات معدودات لكنها تستوعب ذلك الزمن الكثير الذي يكون العمل فيها خير من عمل ألف شهر !  إنه زمن محدد في شهر معين، بل في ليال من أيامٍ  عشر،جعلت فيها ليلة القدر من أواخر رمضان.

على أن شهر رمضان و هو شهر الربانية، و الروحانية، فقد فهم الصحابة ، كما علمهم الرسول الكريم ، أن الربانية ليست مقصورة أو محصورة على الجوانب العبادية كالصلاة و الصيام... بل يأتي الجهاد في قمة و عمق الربانية؛ و لذا بادر الصحابة استجابة لا ستنفار الرسول إياهم للجهاد و منازلة المشركين،في أول ملاقاة معهم، و كان خروج المسلمين  في شهر رمضان الذي كان أول رمضان يصومه المسلمون، فكانت معركة بدر التي مثلت أول مواجهة مع المشركين، و أول انتصار عليهم، و كما كانت بدر في شهر رمضان، فقد كان الفتح الأعظم- فتح مكة - في رمضات أيضا، فقد استنفرهم الرسول للفتح في العام الثامن للهجرة، و وافق وصولهم مكة المكرمة مع العشر الأواخر من شهر رمضان ، و العشر الأواخر أفضل ليالي شهر رمضان، و الاعتكاف فيها سنة، و الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان محل احتفاء الكثيرين و اهتمامهم، لكن الرسول بادر للفرض الأهم و هو الجهاد، و فتحت مكة المكرمة في العشرين منه، و هناك مضى النبي صلى الله عليه و سلم - بعد الفتح - يرتب أمور مكة، و مضى بقية شهر رمضان يقصر الصلاة و يفطر حتى انسلخ رمضان .

 تأمل جيدا؛ وافى الصحابة مكة- بيت الله الحرام - أفضل البقاع، و مهوى الأفئدة، و وافق ذلك العشر الأواخر من رمضان، و في العشر ليلة القدر، و خير مكان يتم الاعتكاف فيه المسجد الحرام، فأي سبل روحانية تهيئت؟ و أي فرصة حضرت؟

إن شيئا من هذه الفضائل لم لم تكن لتسبق، أو لتتقدم على فضيلة أعظم و هي الجهاد، و انظر كيف أن النبي عليه الصلاة والسلام مضى يقصر و يفطر حتى انسلخ - أي انتهى- شهر رمضان..!!

صحيح أن للمساجد ، و الاعتكاف روحانياتها التي يحتاج إليها المرء؟  و لكن بين الرسول الكريم عمليا أنه متى حضر الجهاد قدم على ما سواه،  و علم الأمة أن في مواطن الرباط، و مواقع الجهاد - ربانية مثلى، و لا شيئ يساوية درجة و رفعة، أو مكانة و منزلة.

 

 فمرحبا شهر رمضان؛  شهر الصيام و القيام، و شهر المجاهدة و الجهاد، و شهر النصر و التمكين.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان