العلاقة بين عدن ومحيطها
الساعة 07:31 صباحاً

ستبقى مسالة العلاقة بين عدن ومحيطها القبلي , هي العقدة التي تعانيها عدن , ولم يتفهم النفوذ القبلي والعسكري لذلك المحيط اهمية ودور هذه المدينة وخصوصيتها .

يتغنون في جلساتهم عن أهمية عدن , ودورها التنويري والثقافي , وتضع قنواتهم مساحات واسعة لهذا التغني , ويتفاخرون بزمن عدن المثالي , وكانه زمنهم , وهم صانعوه , والحقيقة التي يرفضون الاعتراف بها , انه زمن عدن المدينة والمدنية , التي استوعبت كل الثقافات والأطياف , وتجاوزت العصبيات و التمايز القبلي والعشائري , عدن تعايش الأعراق والأديان والأفكار , المجتمع الكوسموبوليتي , وهو مجتمع المواطنة , مجتمع الوعي وثقافة قبول الآخر والتعايش مع المختلف , مجتمع تجاوز الصراعات العرقية والمناطقية والطائفية ,تجاوز الاتهامات والتكفير والتجريم خارج النظام والقانون السائد , واليوم تغزوا عدن ثقافة مغايرة صنعت واقع عدن البأس , واغرقت عدن بوحل اسيء من التخلف والعصبيات والكراهية والعنصرية , والقهر والتنمر والفساد القيمي والأخلاقي , السياسي والاقتصادي .

عدن فتحت ذراعيها للجميع , واستوعبت الجميع , تاريخها وإرثها غني بالتنوع , ومن يقرأ صفحات هذا التاريخ بعقل فطن متحرر , سيعرف ان عدن لم تكن بمعزل من محيطها , بل كانت تراه هويتها وجذرها المتأصل , وكانت عدن بالنسبة لهم فرصة للخروج من مجتمعاتهم المغلقة ,للتعرف على ثقافات ومجتمعات أخرى , فرصة للاندماج في مجتمع تنصهر فيه كل تلك الثقافات و الأعراق والأطياف , لتشكل لوحة جميلة من التعايش والتآخي والتسامح والمواطنة .

هناك مجتمعات اندمجت وانصهرت وتحول أفرادها في وقت قياسي لعدانيه الهواء والثقافة والسلوك , وهناك مجتمعات كانت عصية على التغيير , واستمرت ترفض الاندماج والانصهار , وتشكل لها تجمعاتها الخاصة داخل عدن , ومجرد ما ان تسيد العنف على عدن , تمكنت تلك الثكنات القبلية , من تشكيل روح الصراع القبلي والمناطقي التي شهدته عدن , والذي أضر بروح المدينة والمدنية , وعكر التعايش ودور عدن التنويري , ومكانتها الريادية , وقادوا عملية التحول بهواهم وهويتهم العصبية , التي انتجت واقعنا اليوم ومازالت, ودمر ارث عدن وثقافتها المدنية .

المشهد المعاش واضح وجلي , وأدوات هذا المشهد معروفة للجميع , مهما كانت العناوين التي تعلن والرايات التي ترفع , ما هو مهم هو الواقع المعاش , والمشهد العام بكل صوره القبيحة , وعفن فساده وقهره , بكل صراخ وانين الموجوعين من هذا المشهد التي تقابل آذان صماء ومنافقين افاقين , يبررون لكل ما يحدث بعدن , ويتفاخرون بالثراء والوجاهات والمواكب التي تصول وتجول شوارع عدن , والفشل الأمني والسياسي والاقتصادي , ابتزاز المواطن , وتعكير البيئة الاستثمارية بالجبايات والاتاوات , فساد لم تشهده عدن في تاريخها كما تشهده اليوم , عدن التي تحولت لمجرد فيد , أراضي سكني تجاري , ابتزاز حقير لسلطة ونفوذ , اضر بعدن وناسها الأمانين وسكينتها العامة , واضر بدورها الثقافي والفكري والسياسي والاقتصادي , عدن التي تتحول شيئا فشيئا لقرية واسوأ من قرية لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات ولا رواتب محترمة , ولا دولة ولا امن ولا امان .

كيف يراد منا ان نقول ان عدن امنة، ونشهد امام اعيننا شاب على دراجه نارية يرمي قنبلة في ساحة عامة في حفل شعبي , كانت يفترض ان يكون محي امنيا , والمصيبة الأكبر هي المعالجات الخاطئة , بل الفشل الذريع , عندما يصدر قرار بإيقاف حركة الدراجات النارية المصرحة سابقا ( ويتم مطاردة وابتزاز حقير لأصحاب الدرجات ) , وهو الاعتراف الضمني بالفشل , والحلول التي تضاعف من حجم المعاناة , في مدينة تحكمها جماعات كل يوم تثبت لنا بالملموس أنها لا تملك رؤية ولا استراتيجية دولة , ويقودها الفوضى والعشوائية  .

لو كنتم رجال دولة  لرقمتم الدرجات بالمجان وسهلتم عملية الترقيم وحصرها في مربعات , لخدمة الأمن والأمان المدينة , مش كل شيء له ثمن مادي , الثمن المعنوي والأخلاقي ارقى وافضل , يمثل رؤية واستراتيجية دولة .
 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان