أراد أن يكحلها فأعماها..!
الساعة 03:57 مساءً

لم يمض إلا 24 ساعة على إنبهارنا بالعرض العسكري الأمني لتدشين المرحلة الثانية من العام التدريبي 2022م لمنتسبي إدارة شرطة محافظة أبين الذي عكس حُسن الانضباط والالتزام العسكري وبعث بالأمل بأامكانية مواكبتها والتعامل الجيد مع الوضع الأمني والظروف الناشئة في المحافظة، لكن لم تمر إلا 24 ساعة على هذا الشعور والتفاؤل حتى تفاجئنا بخلل أمني غير مقصود كان هدفه على ما يبدو معالجة الظواهر السلبية لدى بعض الأفراد، لكن عدم الاستشارة من المختصين دائما ما يوقع بعض المدراء في مواقف محرجة لمحاولتهم معالجة الخطأ بارتكاب خطأ أشد ضرراً من المشكلات التي أرادوا معالجتها، أو كما يقولوا أراد أن يكحلها فأعماها.

لا ينكر أحد أن مدير شرطة محافظة أبين المناضل العميد علي ناصر أبو مشعل يبذل جهوداً كبيرة للملمة الوحدات والأجهزة الأمنية وتنشيط عملها للقيام بتأدية واجباتها بالشكل الذي ينبغي، وفعلاً حققت ادارته، نجاحات ملموسة مقارنة بالعام الاول من حيث ضبط الجريمة وتتبعها والقبض على مرتكبيها، واحداث استقرار نسبي للوضع الأمني، لكن ستظل هذه النجاحات فردية ومؤقته وقد تتبخر إذا لم تسير بالتوازى مع نهج عملي للبناء المؤسسي المستدام الذي يبقي استمرار النجاح وتواصله كشعلة ملتهبة بوجود القائد أو بدون وجوده، فعدم منح القادة الصلاحيات لمرؤوسيهم مدراء الإدارات والأقسام يتسبب في إيجاد نجاح شكلي يرتبط بالمدير أو القائد نفسه دون الدفع بالنشاط ليصل إلى مفاصل الإدارات لإحدث التغيير المأمول فيها، وتحويل النجاح من شكلي أو عابر إلى جوهري ذو أثر بعيد يرتبط بالوحدة نفسها كجهاز أو مؤسسة أو إدارة  أمنية وشرطوية ناجحة، لن يتأتى هذا إلا إذا أتقن القادة أولاً مهامهم وواجباتهم ومهام مرؤوسيهم ومسؤولياتهم وكيفية ضبطها والعمل على تناغم جميع الجهود في إدارة شرطة المحافظة والإدارات المختصة، وأقسام الشرطة وغيرها وكيفية مساءلتهم وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب، والجهات الضبطية والقضائية التي تقع عليها مسؤولية إنفاذ القانون العسكري، إذا كان السعي مما نرى هو الطموح بالعمل وفق القانون الذي يضع الجميع سوسيه أمامه ويحفظ كرامة وحقوق الجندي قبل القائد وينظم العمل والمسؤوليات والواجبات بين القائد والجندي والإدارات نفسها. تفاجئت كغيري ببث مقطع فيديو لمدير شرطة محافظة أبين العميد علي ناصر ابو مشعل وهو يضبط في احدى النقاط جندي من ادارة المرور أظهر سلوك مخالف للقانون باستخدام بزته العسكرية للحصول على المال من مالكي المركبات المارة، والواقعة نفسها لا تختلف عما يقوم به القادة بنشر النقاط "للتسول الوظيفي" بشكل علني فالقانون يعاقب الجميع سوء كانوا افراد، أو مؤسسات، وكما يحرم على العسكري استخدام وظيفته للابتزاز أو التسول أيضا يحرم على الجهات الامنية والعسكرية وقادتها الجبايات فجميعها (تسول وظيفي) طالما  تخالف القانون الذي لا يمنح الحق إلا للجهات المختصة فقط بتحصيل الإيرادات المالية وايداعها حسب القانون.

  من حق أي مسئول اصلاح أي اختلالات في مؤسسته أو إدارته كما يسعى الاخ مدير شرطة أبين لكن ربما أنه اضل الطريق في كيفية اصلاح ومعالجة هذه الاختلالات والقضاء عليها، ونحن نشجع سعيه في هذا الاتجاه لكن عتبنا عليه أنه لم يعط اهتمام بالإدارة المختصة (المرور) فتهميش القادة وعدم إشراكهم في معالجة السلوكيات المخلة والظواهر السيئة يفشل المعالجة نفسها وتتحول إلى مخالفة، أليس ما قام به الشخص الذي صور مقطع الفيديو يعتبر انتهاك خصوصيات الآخرين بالتصوير والنشر بدون أذن..؟! والمؤلم عدم معرفة مدير الأمن بأن الشخص الذي بجواره كان يصور بحسب تسجيل منسوب له، فكيف لقائد أمني لم يلفت انتباهه التصوير ..! كان الأفضل التعامل مع أي سلوك مخل ومخالف للنظام والقانون العسكري بعد ثبوت الواقعة بالإحالة إلى المجلس التأديبي وإحالة من قام بالتصوير للقضاء إذا لم يكن عسكري، وعدم التصوير  للتشهير لأن الانعكاسات السلبية للتشهير أكثر ضرراً  من محاولة إبراز الحرص على حُسن سلوك الجنود وانضباطهم.

   الواضح أن ما جرى هي محاولة لضبط السلوكيات المرفوضة من قبل من يسيئون للعمل الشرطوي والأمني، لكنها كشفت هشاشة البناء المؤسسي وحاجة إدارة الأمن بأبين لتنشيط وتفعيل إداراتها وأقسامها ودورات هادفة لمزيداً من التوعية بالقانون وحقوق الإنسان، ومنح منتسبيها الحقوق أولاً وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب والمجلس التأديبي لإنفاذ القانون على الصغير والكبير وانتظام صرف مستحقات الجنود والضباط والقادة، وانهاء نقاط الجبايات غير المشروعة التي تسببت في تدمير سلوك الصغار والكبار، والاضرار بالمجتمع معيشيًا وسلوكياً ونشر ظاهرة التسول الوظيفي التي أصبحت مشكلة كبيرة يصعب معالجتها وكما تبين لنا أن مدير شرطة محافظة أبين أراد أن يكحلها فأعماها.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان