لماذا المشروع الحوثي بالذات؟
الساعة 07:15 صباحاً

يسأل كثيرون، لماذا التركيز كثيرا في كتاباتك السياسية على خطر المشروع الحوثي وتناول ذلك بدرجة اكبر مما هي عليه أثناء الكتابة حول بقية المشاريع الاخرى وفضويتها؟
في الواقع لاأرى ـ كما يعتقد كثير ـ في المشروع الحوثي رأس حربة المشاريع الجديدة التي تهدد في غالبها هوية البلد ومستقبل ابنائه، ذلك يعد تصورا قاصرا لطبيعة الخطر الحقيقي الذي يتضاعف حضوره يوما بعد يوما .
بل ان الحوثيين في حقيقة توجهم السياسي والايدولوجي يظلون دون سواهم من يعكس فعليا نعت وتوجه المشروع "الغول " الذي يمتلك شهية ورغبة وحتى مقومات إبتلاع جميع المشاريع النقيضة له وقبل ذلك حافز إبتلاع الدولة بمفهومها السابق ( قبل الحرب) .

مبعث القلق لدينا يكمن في ان المشروع الحوثي يجسد حقا ضالة الخارج واجنداته الساعية الى تقطيع اوصال البلد في مهمة "اعادة رسم خارطة المصالح ورقعة النفوذ لدى القوى ذات الصلة بصراع اليمن "، في حين تبدو هناك بقية المشاريع الاخرى يسيرة الاحتواء ومن السهل عملية تطويعها وتقريب وجهات النظر بين منطلقات مشاريعها عند الحاجة الى ذلك طالما كان الخلاف بينها حول تقاسم السلطة، وهو ما حصل فعلا في محطات سابقة من الصراع، بينما لم يحدث قط أن أظهر الحوثيون قابلية التعايش أو الاعتراف بالأخرين بعيدا عن وصفهم بأدوات العدوان، هذا فضلا عن إستحالة توقع قبول الحوثيين بصيغة توافقية لحل سياسي مستدام يلبي حاجة الجميع بصورة منصفة وضامنة.

دعنا نعود الى سببية الاهتمام بمخاطر المشروع الحوثي وافراد المساحات الاكبر من الكتابة السياسية حول تحورات الجماعة تلك اكثر من غيرها، وهنا ساطلب منك عزيزي القارئ ان تضع جل تركيزك في إستنباط ما ترمي اليه الفقرة التالية وإستيعاب فكرة الطرح في سياق نص الصراع القائم حاليا ومضمون الازمة السياسية الراهنة !

هناك نظرية حول الهوية السياسية للدولة الوطنية الحديثة طورها عالم الاجتماع الاميركي في الثمانينات ويدعى بنديكت اندرسن، وبحسب اندرسن فان المفاهيم الوطنية هي بالاساس تصورات سياسية "متخيلة"، وبالتالي فالسياسات في الدولة الوطنية تتطور ـ كما تخبرنا هذه الرؤية ـ حينما تتصدى جماعة جديدة "من اصحاب المشاريع الجديدة " الى كسب ثقة الجمهور او الرأي العام حول قضية وطنية مشتركة، ومن ثم يتوقف قبول المواطنين بهذه الجماعة "المتخيلة" على قدر قيام الجماعة في تحقيق مصالحهم .

أظن الفكرة وصلت ومعها ستبدو مسالة تناول "تطور الجماعة الحوثية" بصورة أوسع وأكثر تركيزا عن بقية الاطراف أمرا منطقيا للغاية .

قبل ان أختم أود التذكير هنا بشيء مهم وهو ان تدخلات الخارج وعبثه بمصير اليمن أرضا وأنسانا لم يكن ليحدث لولا انقلاب جماعة الحوثيين ومحاولة فرض مشروعهم الضيق بقوة السلاح حيث شكل ذلك منفذا لسلطة الخارج على البلد، ليبقى الشق الثاني من سيناريو سلطة الامر الواقع المتمثل بإسهام الخارج في مقابل خدمة الانقلاب على الدولة في شرعنة الحوثيين كـ "جماعة متخيلة تؤدي دور التيار الوطني المهيئ للقبول شعبيا" عن طريق اظهاها بمظهر الطرف الوحيد القادر على تحقيق السلام لاسيما عقب تسويق وصفها بالطرف "المعرقل والمهم" في نفس الوقت لإحلال السلام ووقف القتال باليمن، وهو بالتاكيد ليس تسويقا ووصفا يخلو من مكر السياسة الغربية وخبثها في إعداد وتطبيع دور ربيبها لمرحلة قادمة من الصراع باليمن .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان