منذ سنوات، ألاحظ عصابات هنا وهناك تدّعي معرفة كل شيء وتسخر من كل التماعة لا تكون انكعاسا لبؤسها وأنانيتها ومزاعمها الاحتكارية.
مرة انبعثتْ حملة سخرية من الصحفيين الذين لم يدرسوا الصحافة والإعلام وكانوا يسمونهم طارئين ودخلاء، فيما أفضل الصحفيين في اليمن والعالم، لم يلتحقوا بكليات الإعلام ولا فقاسات الصحافة.
ومرة ثانية يعلو صراخ طافح ضد كتاب شباب اتكأوا على أنفسهم قراءة وتثقيفا وصقلا وانبثاقا حتى أصبحت لهم أسماء حاضرة بقوة ومتجاوزة للاحتكاريين، فقالوا عنهم أنصاف مثقفين وشعبويين وطارئين، وذهبوا لنفي الكتابة عن الشباب وتعريفها حسب أمزجتهم الانطوائية وبما يتسق مع نفوسهم المريضة والموبوءة بالتبلد والتضخم الفارغ.
ومرة أخرى يخرجون في هيئة ناقدين للشعر، فلا شعر إلا تلك التهويمات الجوفاء التي يستجرونها فيما بينهم، بلا معنى ولا جدوى ولا ملامح، غير أنهم يأملون أن يعيد الخالق النظر في تكوين خلقه ويبدأ بضخ نسخة بشرية جديدة ومطورة تفهم هؤلاء العدميين الذين لم يكتفوا بخديعتهم في أنفسهم، بل ذهبوا لمهاجمة أي شاعر آخر رأى فيه الناس ذواتهم ولمسوا في قصائده معناهم ومعاناتهم، وراحوا يتهمون الشاعر بالمهرج، والشعر بالرداءة، والجمهور بعديم المعرفة والذوق، وهي تهم مردودة عليهم.
في الحقيقة، هنالك جيل متفوق من الكتاب والصحفيين والشعراء، تشكل خارج الفقاسات الإيدلوجية والحزبية والعصبية الاحتكارية، وخرج كبيرا كالقدر وواضحا كعنفوان البحر، جيل تقزمت أمامه كثير من التضخمات اليابسة والمتفسخة، فلم تجد غير استرجاع أحقادها وأزماتها وفشلها وبعدها عن المجتمع، لتشهره في وجه الدهشة والاكتمال والعظمة القادمة من الأرياف وبيوت الفقراء وأغاني الفلاحين وحزن الشعب.
ولعله لا يخفى على متابع، سبب تلك العدائية الانتقامية الساخطة، التي تحاول لفت الانتباه إليها بتلك الطريقة البدائية المثيرة للشفقة، والرد عليهم هو مبتغاهم، فهم يريدون أن يراهم الناس من خلال الخصومات التي يجترحونها وما يصاحبها من ردود ومساجلات وجدل..
على أن كبار النفوس والإبداع، الذين خُلقوا من أنفسهم، وتكثفوا حتى لم يعد يهتم أحدهم بالعداوات ولا الخذلان ولا الاستنقاص ولا التعظيم، ماضون غير مكترثين بالموتى، لا تهزمهم صرخة ولا تهزهم ضغينة ولا تحول دون أمانيهم عثرة.
عن نفسي، لا أريد شهادة جودة من أحد من هؤلاء المهرجين، تكفي محبة الناس فهي أصدق دليل على نفاد الكلمة إلى القلوب، وأنا أثق بالذوق العام فهو أكثر المقاييس دقة وحساسية تجاه الجمال.
تعب..
لا وعادهم يسخروا ويزموا شفاههم الثقيلة.
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
ارتفاع جنوني للدولار أمام الريال اليمني يفاجئ الجميع.. السعر الجديد
-
السعودية تحسم جدل خارطة السلام والرواتب
-
فلكي ينشر جدولا لفرص هطول الأمطار في اليمن
-
الكشف عن مفاجأة الهيكل التنظيمي للمخابرات الحوثية وهذا هو المدير الفعلي
-
مصادر تكشف عن حقيقة وفاة القيادي عبده الجندي في صنعاء
-
امريكا: كلمة سر ايقاف الحرب في اليمن بيد هذه الدول
-
(البيض) يضع خيارًا ثالثًا على الطاولة للحل في اليمن