متعة أن يستعيد المرء بعض ذكريات طفولته، بحيويتها اللطيفة، و شقاوتها البريئة، و أنشطتها الصاخبة التلقائية، و بألعابها المتنوعة .
من ألعاب الطفولة تلك؛ لعبة كانت تسمى الغُمَيضان أو الغُمّاية، مايزال يلعبها الأطفال، و الصغار أيضا يلعبونها حتى اليوم.
و لعبة الغميضان ؛ لعبة من اللعب الشعبية، و هي على ما فيها من مخاطر ؛ إلا أنه يفرح بها الصغار، و يندفعون إليها بلا رؤية و لا روية ؛ مع أنها من أسوأ اللعب التي يلعبها الاطفال، و الصغار كما قلنا ؛ رغم مخاطرها السيئة، على عكس الُّلعب الأخرى التي تكون فيها الرؤية واضحة، و البصر و البصيرة حاضران.
في لعبة الغميضان كل اللاعبين - تقريبا - يخسرون، أو يصابون!
حتى أولئك الذين يشاركون في اللعبة و اللعب، و الذين لا يعصبون على عيونهم قطعة القماش التي تحجب الرؤية عن الصغير أثناء اللعب ؛ فإنهم يصابون أيضا بطريقة أو بأخرى ؛ حيث يلحقهم عَمَىً معنويا يصيبهم فإذا هم بمنزلة من غطى على عينيه بالقماش الذي حجب عن نفسه الرؤية ؛ ذلك أنه يتماهى مع اللعبة حتى تسيطر عليه طبيعتها، فإذا هو أعمى مع زملائه..!!
يعصبون على أحدهم عينيه حتى لا يرى شيئا أمامه، ثم ينطلقون باللف و الدوران في مساحة محددة، يقوم معها المعصوب على عينيه بالبحث عن زملائه و الإمساك بأحدهم، فيما يقوم زملاؤه بإصدار أصوات و حركات و أفعال، من مختلف جوانب الساحة المخصصة للعب بغرض تضليل من يعصب على عينيه، فإذا هو - بسبب الحركات و الأصوات المضللة - يصطدم- أثناء محاولته اللحاق بهم - بجدار ، أو بعمود، أو يقع في حفرة .. و هكذا .
إنها شقاوة الصغار البائسة و الشقية، و لكنها مؤذية !
يكبر الطفل و يتجاوز مثل هذه اللعب، فيما يبقى الصغار يتلذذون اللعب بها و يستمتعون بأذى زملائهم..!!
ما الذي يدفع الصغار إلى ممارسة مثل هذه الألعاب رغم خطورتها ؟ و كيف يحبذون المغامرة في تعاطي لعبة لها خطرها و مخاطرها ؟ و كيف يرضون اللعب بلا رؤية أو روية !؟
تزداد خطورة مثل هذه اللعبة - في لعبة الغميضان - التي تمنع العينين عن الإبصار، و تحجب الرؤية ؛ أن يوجد بين الصغار ؛ صغير نزق و آخر مشاغب، و ثالث عدواني، و رابع معتوه ، و بعض الصغار يكون الحمق داء فيهم، و أحيانا هناك المشاكسون، و حينا ذلك الذي يرى من نفسه أنه من عائلة متميزة على الآخرين .
لكنه عبث الأطفال و نزقهم، و سفههم ؛ لكن كلا ، عبث الأطفال نعم، لكن ليس سفههم ؛ لأن السفه إنما يكون في صغار من طراز آخر ، كما كان يقول أحد رعاة الغنم .
ما أشبه - اليوم - شأن العملة الوطنية - الريال - الذي نراه في الآونة الأخيرة و كأنه يمارس هذه اللعبة؛ لعبة الغميضان ..!!
لكن ما الذي قفز بالريال اليمني إلى الذهن ، فجعل الذهن يشبّهه في جريانه صعودا و هبوطا بأولئك الذين يلعبون لعبة الغميضان؛ و إذا هو من حيث يدري، أو لا يدري يلعب مع آخرين بلا رؤية، و لا بصر ، و لا بصيرة ، ولا حتى برآءة أولئك الأطفال..!! كيف يحدث هذا النزق ؟ وكيف يجاري الآخرين بهذا العبث، و كيف يتم إغماض العيون، و كيف يتم حجب الرؤية ؟ و كيف ينتشر الخداع بالحركات المضللة، و الأصوات المخادعة ؟ و الأفعال الماكرة، و هل يدخل هذا اللعب في سياق شقاوة الأطفال و عبثهم، أم في مكر الصغار و سفههم !؟
ها نستطيع أن نحدد الأسباب و الخفايا التي استدرجت الريال إلى اللعب في ساحة لعبة الغميضان ؟ و هل هي سذاجة الطفولة أم سفه الصغار ..!!؟
و كيف يمكن الارتقاء بالريال الى مستوى الكبار؛ لإنقاذه من أن يتخطفه السفاء، والحيلولة بينه و بين اللعب مع الصغار !؟
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
نحو استعادة الشرعية: ميلاد تكتل سياسي جديد يعيد بناء الدولة
-
ناشطة يمنية تثير الجدل بدفاعها عن المثليين: خطوة جريئة نحو أوروبا
-
تحذير للمسافرين: هذا المطار هو الأكثر رعبا في العالم! (صور)
-
حادث لايصدق في صنعاء.. سيارة تعتلي أخرى وكأنها مشهد من فيلم خيالي
-
كشف المستور: بريطانيا تُعيد فتح ملف اغتيال الرئيس الحمدي وتثير جدلاً واسعاً
-
شاهد.. أب يطلب من أبنائه حضور عزيمة لأجل أحد أصدقائه.. وعندما ذهبوا كانت المفاجأة
-
البيض: صيف سياسي ساخن يعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة