متلازمة العنصرية لدى المثقف الهاشمي
الساعة 02:14 مساءً

أقصد بالمثقف هنا ، سواء كان مفكرا أو كاتبا أو شاعرا أو سياسيا يدعي الثقافة ، فهذه الأصناف كانت تكتب من داخل النظام الجمهوري شعرا أو نثرا يمدح الجمهورية ويتغنى بها ، وبمجرد ما انقلب الحوثي على النظام الجمهوري ظهرت متلازمة هؤلاء المثقفين وأفصحوا عن عنصرية كامنة ، سواء أولئك الذين انضموا إليه في الداخل أو أولئك الذين يتوزعون خارج البلد ، وأنا هنا أعمم لضرورة كشف قبح العقول الملوثة بداء الانتساب إلى النبي محمد .

 

هذا التعميم لا ينفي وجود كثر منصفين ومدركين لمرض العنصرية التي تفتك بالبشرية وستفتك بالحوثية وأتباعها ، وحينما نستعرض خارطة هؤلاء المثقفين ، نجد أولئك الذين آمنوا بثورة السادس والعشرين من سبتمبر وانخرطوا بحماس في النظام الجمهوري وارتفعت أصواتهم لنصرة الجمهورية قد غابوا ، أو انتهوا إلى عصبية عنصرية ، تعمل ضد النظام الجمهوري وضد الديمقراطية .

 

المثقف هو صوت الناس في دفاعهم عن حقهم في الحياة والتعليم والعمل والصحة ، هو الإنسان الذي ينتصر للمثل الإنسانية ولقيم العدالة والحرية والمساواة الاجتماعية ، ولعل صالح هبره مازال يمثل هذا الصوت بعد أن تخلصت الحركة من أحمد شرف الدين ومحمد عبدالملك المتوكل وعبد الكريم جدبان ، مادونهم إما أنهم يؤيدون عنصرية الحوثي علنا ، أو صمتا .

 

أعرف جيدا بأن الكثيرين من الهاشميين لن يعجبهم هذا الوصف ، لكن تلك هي الحقيقة ، فكونك تتخاطب مع الآخرين من داخل الهاشمية فأنت مازلت تؤمن بأن النسب يحدد الهوية العرقية وأن قيمة الإنسان لا تحددها شخصيته الفردية وإنما الانتماء إلى الهاشمية هو الذي يحدد هذه القيمة ، يردد كلمات الانفتاح والقبول بالآخر وفي داخله إيمان كامل بأنه أفضل من غيره بحكم نسبه إلى النبي محمد .

 

السردية الهاشمية تتماهى وتتناغم مع السرديات العنصرية التي تربط جينيا وجوهريا بين الانغلاق السلالي الوهمي ونحن لا نحتاج هنا إلى إعادة اختراع عجلة المنطق والأخلاق في توصيف المجتمع ، فهناك قاعدة أجمعت عليها الشرائع والديانات والقوانين ، هي أن الناس يتمايزون بأعمالهم وليس بانتمائهم .

 

نجد هؤلاء الذين نحسبهم امتلكوا جزءا من المعرفة داخل الهاشمية يتطابقون مع الحوثي في توظيف العنصرية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ودينيا وعرقيا ، لم نجدهم يعترضون على تميزهم بالخمس من الثروات ولم يعترضوا على تميزهم سياسيا بالإمامة التي حصلوا عليها بوصية ولم يعترضوا على هويتهم الدينية وهي أخطر أشكال العنصرية ، فالنظرية الهاشمية معجونة بالعنصرية في تكوينها الأساسي لا في الاستغلال لها ، وقد صدمت بأحد الأصدقاء وقد أصبح يلبس التوزة بدلا من الجنبية تميزا له كهاشمي وأطلق لحيته وشاربه بعد أن كان يحلقهما وأصبح ينافح عن سلوك الحوثيين بكل قوة ، مع أن لقبه معبري وليس لقبا صريحا من تلك الألقاب المتعارف عليها في السردية الهاشمية .

 

خلاصة القول إن هؤلاء الذين ينتمون إلى السردية الهاشمية تقف عنصريتهم على أرضية تفوق ديني إفتراضي بدونه لا تستقيم عقيدة الآخرين الذين يقعون خارج المجال الإلهي أي خارج المجال الإنساني فالذي يعتبر نفسه مختارا من الخالق يعتبر نفسه سيدا على الآخر ، وعلى هذا الأساس لا يمكن إسقاط العنصرية عمن يدعي الهاشمية ،كون العنصرية في تكوينها كما قلنا وليس في استغلالها ، ومن أراد أن يعيش مع اليمنيين في مستقبل يسوده السلام ، فعليه أن يحدد قيمته كفرد وليس عن طريق الانتماء إلى الهاشمية .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان