* لست أدري من أين جاءت فكر “التضحية من أجل الوطن” وتجذرت في ثقافتنا! ولست أدري لماذا يجب على كل شخص (والشباب خصوصا) أن يكونوا السباقين من أجل هذه التضحية!
* لا تبنى الأوطان بالتضحيات، خاصة إذا كنا نتحدث عن التضحية بالنفس أو التضحية بالمصلحة الشخصية وإنما تبنى بحب الذات والعمل الدؤوب من أجل تحقيق المصلحة الشخصية،لأن مصلحة الوطن هي مجموع مصالح كل المواطنين فيه.
* هذه الخرافة التي اصطنعت تعارضا بين المصلحة الشخصية والمصلحة العامة هي بقايا عصور الإستبداد، سواء كان الإستبداد السلطاني المستند الى فكرة الحاكم نيابة عن الله أو الإستبداد الشمولي الحديث المستند الى فكرة الثورة والزعامة التاريخية.
* ثم ما هي "مصلحة الوطن"؟
ما هذا الشعار الغامض الذي يصطنع وطناً هلامياً منفصلاً عن مواطنيه ومتعالياً عليهم. وطن له مصلحة مستقلة عن مصلحة أفراده!
لقد تجاوزت الدول والمجتمعات المتحضرة هذا التناقض الوهمي بين الفرد والمجتمع، فحرية المجتمع هي مجموع حريات أفراده، ومصلحة المجتمع هي مجموع المصالح الفردية لمواطنيه، واذا حدث أي تعارض بين مصالح الافراد بعضهم البعض أو بين مصلحة فردية ومصلحة جماعية فالقانون ينظم هذا التعارض ويحله حسب كل حالة.
* كانت التضحية من أجل الوطن تعني للبعض التضحية من أجل الحزب او من اجل الشيخ او من اجل الزعيم او التضحية من اجل الانتهازي الذي لا يصنع مجده إلا على اكوام المشاريع الفاشلة للضحايا المغفلين.
* أما الدفاع عن الوطن بالمعنى العسكري فهو في عصرنا هذا ليس مهمة كل المواطنين بل مهمة نخبة مدربة من العسكريين والأمنيين الذين تكفل لهم القوانين العسكرية والتدريبات المكثفة الدفاع عن الوطن بأقل قدر ممكن من الخسائر في الأرواح.
* إن "التضحية" من أجل الوطن، اذا كنا مضطرين لاستخدام هذا المصطلح سيء السمعة، لن يكون لها معنى إلا إذا عنينا بها التضحية براحتنا وهدوئنا والعمل الجاد المضني من أجل بناء ذواتنا وتحقيق افضل الكاسب الممكنة لأنفسنا ولأسرنا دون احتيال على مصالح الآخرين او استيلاء عليها.
* المجتمع الناجح هو مجتمع الأفراد الناجحين. ولم اسمع أبدا بمجتمع ناجح جُل أفراده من اولئك الذين ضحوا بحياتهم أو مستقبلهم أو ذواتهم وتحولوا الى تجمعات ضخمة من القتلى أو المحبطين والعاطلين والفاشلين وفاقدي الطموح.
الأكثر قراءةً
الأكثر تعليقاً
-
السعودية تُعدل شروط تأشيرة العمرة.. قيود جديدة على السفر الفردي
-
السعودية تُحدث نقلة نوعية: إقامة دائمة بدون كفيل وبمزايا استثنائية
-
مسؤول استخباراتي إسرائيلي يكشف عن عدد الصواريخ الباليستية التي تمتلكها إيران حاليا
-
منارات المساجد في صنعاء تتحول إلى منصات تجارية.. ما القصة؟
-
أسواق الصرافة تفاجئ الجميع بتغييرات كبيرة في أسعار الدولار والريال السعودي مقابل الريال اليمني..السعر الان
-
بعد عامين من البحث.. أبو بكر الشيباني يجد والده في مستشفى بالقاهرة ويكشف تفاصيل صادمة
-
مقارنة بين الصواريخ الإيرانية وصواريخ "حزب الله" و"حماس".. موقع عبري يكشف فوارق فظيعة ومرعبة