قفوا لمارب والجيش
الساعة 10:20 صباحاً

قبل رمضان الماضي، راسلني أحد الأصدقاء ناصحا إن كنتُ في مارب فعليّ مغادرتها للتو، لأن الحوثي سيدخلها خلال أيام وأقسَم على ذلك، وكان يتحدث عن معلومات وليس عن توقع بحسب كلامه..

هذا الصديق ليس حوثيا، بل هو مناهض للحوثي أصلا، لكن قلقه وحملات الحوثيين أثّرت عليه وعلى غيره، حيث وعد الحوثيون أنصارهم أنهم سيُفطرون على تمور مارب في رمضان بعد ذلك.

عندما كنتُ في صنعاء همس أحدهم في أذني “الخبرة عيدخلوا صنعاء وأصحابك جازعين”، تلك الهمسة زادتني إيمانا فوق إيماني أن الحوثيين لن يدخلوها، ليجدني صاحب الهمسة بعد أشهر وقد تغيّر رأيه، وعندما سألته قال إنه لم يعد يصدق لأن الحوثيين أخذوا ثلاث دفع من أقاربه وكانوا كل مرة يقولون: هذه هي الفاصلة وهذه المرة سندخل مارب لأن الخبرة قد جهزوا كل شيء، وفي كل مرة يتصندق من يذهبون!

قبل مغادرتي صنعاء بأيام، وجدني رجل مسن في الحيمة “طريق الحديدة” كان ينتظر وهو يحمل السلاح، سألني عن الساعة، ثم بادرتُ بسؤاله: إلى أين يا والد؟ فقال بلكنته الحيمية: مريع للطقم عد أسير أجاهد مع الله، فقلت له أين؟ قال: عندخل مارب، أيام وعتسمع خبر دخول الأنصار وهروب الدواعش الأمريكان، قلت له من أخبرك بذلك، قال الله وعدنا بالنصر! عندها توقفت عن مناقشته لأنه لا يمكن مجاراته بالحديث ما دام وأنه موعود بالنصر من الله الذي يحمله من يكذبون على مثل هذا المسن كل كذباتهم ويستغلون الجهلة بالكذب عليه.

عندما زرت مارب تمنيت بشغف أن أعود إلى صنعاء وأخبر الناس هناك أن الحوثيين كاذبون، وأن أصرخ في وجه الحوثيين قائلا: أنتم فقط تذهبون بأبناء الناس إلى الموت، أقسم أنكم تعجّلون فقط بموتهم عندنا تذهبون بهم إلى تلك الصحاري.

عندما رأيت مارب تقدمت سنين كثيرة إلى الأمام وانتعشت تذكرت العجائز اللواتي يذهبن كل صباح إلى مستشفيات الحوثيين التي أصبحت كحمامات عامة للبحث عن أولادهن، ليكتشفن أنهم قد فارقوا الحياة قبل أشهر وقد تم دفن أشلائهم دون أن يتعرف عليهم أحد.

عندما رأيت كيف تتكسر كذبات الحوثيين على أطراف مارب تذكرتُ من خرج ابنها إلى الجامعة ولم يعد لأنهم أخذوه إلى إحدى الدورات ومن ثم إلى الموت.

تذكرت في تلك اللحظة من غضبت أمه عليه لدقائق قاصدة أن تراضيه بعد ذلك فخرج زعلانا، فصادفه الحوثيون فأخذوه إلى الموت ولم يعد لأمه التي تنتظره لتراضيه إلا مصندقا وبصورة له بحثوا عنها في مواقع التواصل وصمموها للتو .. آه يا وطني، كم أبكى الحوثيون من أم وأب وأشقاء وأطفال وزوجات وأصدقاء..

يالله متى سينتهي هذا؟! متى سيدرك الحوثيون أنهم على الخطأ وأنهم كل يوم يذهبون بشباب مثل الزهور، ورجال يعيلون أسَرهم إلى الموت؟

قبل شهر ونصف تماما وعد الحوثيون قتلاهم أن هذه المرة سيدخلون مارب بشكل مؤكد، وزينوا وعودهم بنشر حملات كاذبة عن انضمام الشرفاء إليهم، ثم هروب بعض المسؤولين من مارب كذبا، ثم هروب المحافظ الذي ما زال يدير الوضع، ثم وصولهم إلى مارب، لينصدم أحد مقاتليهم باتصال وصله من أحد أقاربه أنه في مارب ولم يصل الحوثي، بل إنهم يكذب عليهم، فالمقاتل الحوثي دخل في سجال مع أقارب له مؤكدا أن الحوثي في وسط مدينة مارب، حيث أخذ كلام مشرفه الذي يحاول رفع معنوياته واستدراجه إلى الموت وعلى أنه قرآن.

قبل فترة التقيت أحد رجال الجيش وهو يشمخ ذاهبا إلى مواقع انكسار الحوثيين، فقلت له أن هناك شباب غرر بهم الحوثيين، فأقسم لي أن كل أفراد الجيش يتوجعون إن سقطت قطرة دم ممن يحشدهم الحوثي، لكنهم مضطرون، لأن الحوثيين قد أقنعوهم أن من يقف أمامهم أمريكان ودواعش، وهذا واقع مثبت.

تخيلوا أن الحوثيين يأخذون شابا من حي الأندلس أو مذبح أو القاع لا يعرف عن مارب سوى أنها بلاد الحضارات والتاريخ، ويقنعونه أن تلك المحافظة التي قهرتهم يتواجد فيها بني صهيون!

أحد الشباب الذين لاحظ الحوثيون فيهم غلظة وشجاعة، تقربوا منه وقالوا له شارك معنا في تحرير مارب واستقطب ما استطعت لأنها ستتحرر أساسا خلال أيام ولك ٣ براميل نفط يوميا بعد إسقاطها، وقالوا إنهم مستعدين لإعطائه ورقة مختومة بذلك..

الشاب كان أعقل منهم وتخلّص منهم بطريقة، حيث علق أحد أصدقائه قائلا: يوزعوا البترول وهم ما زالوا تتكسر رؤوسهم في أطراف مارب. وأضاف: هم رايحين مارب يشتوا الجنة والشهادة والا البترول؟! هذا كان في شهر فبراير الماضي، يعني قبل ثمانية أشهر تقريبا.

لذلك لنقف لمارب والجيش الوطني وقفة إجلال وإكبار، لأنهم كشفوا كل كذبات الحوثيين ودجلهم أما اليمنيين والعالم، حتى أن كثير ممن غرر بهم الحوثيين تراجعوا عندما رأوا البأس الشديد بأم أعينهم، لدرجة أن أحدهم عندما رأى المئات من زملائه ومن شارك معهم صرعى شتم عبدالملك الحوثي شخصيا دون شعور، فالتحية لمارب الشامخة ولتعز ولشبوة وللبيضاء والحديدة والضالع ولحج ولكل المحافظات التي ما زالت تقارع وتعمل على إيقاف الموت الذي يحاول الحوثيون فرضه على كل اليمنيين، والتحية لكل حر وشريف ينصر هذا الوطن بإخلاص من خلال ببندقيته أو قلمه أو علاقاته أو بأي شكل من الأشكال، ولا عزاء لمن يخذل الأبطال ويحاول إضعافهم من الداخل من خلال الخيانة أو الفساد أو النهب، وثقوا أن التاريخ يسجل كل شاردة وواردة، ولن ينسى لكل ذي حق حقه سواء في الوفاء أو الخيانة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان