الحرب اليمنية بين انكشاف الأدوار وبشائر الإنتصار
الساعة 06:35 صباحاً

الكثيرون يتسألون ما الذي يجري في اليمن؟ سؤال يكتنفه الغموض والحيرة والاحباط واليأس عند البعض، لكن بصيرة الإيمان ترى غير ذلك، فهي ترى كل الأحداث تسوقها قدرة الرحمان، باتجاه هزيمة الشيطان وطواغيته ومكرهم وتآمرهم، وكشف أدوارهم ومواقفهم وجرائمهم.

ومن يريد فهم ما جرى ويجري في اليمن، عليه فهم جوهر الصراع بين مشروع الحق، ومشاريع الباطل في اليمن، كمدخل لفهم طبيعة الحرب وكشف غموضها، فنحن في مشهد لصراع الحق الذي تمثله الشرعية اليمنية ومشروعها الاتحادي، مع الباطل الذي يمثله مشروعي الإمامة والإنفصال، فمشروع الدولة الاتحادية، الذي تقدمه الشرعية، يقدم للإنسان اليمني، منهج الرحمان، في الإعمار والاستخلاف، والمحبة والتعايش، والعيش بكرامة، وبناء دولة قادرة ومقتدرة، ويُقدم طريق خلاص اليمنيين، من منهج الشيطان، في العنصرية الإمامية، والعصبيات، المذهبية والمناطقية، والقبلية والحزبية، فمنهج الشيطان يقدم لليمنيين، العنصرية والكراهية، والبغضاء والقتال، والتمزق والتقسيم، والتخلف، ورهن اليمن بثرواته وبحاره، وأرضه وشعبه.

فبصيرة الإيمان تشاهد قدرة الله ومقدرته، في تدبيراته لأحداث ومعارك حرب الحق ضد الباطل، ويُرى بها البلاء لأهل الحق، يقول الحق سبحانه(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) البقرة ٢١٤.

(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) آل عمران ١٨٦.

ويُرى بها كراهية القتال، وهو خير وحياة بنصرته للحق، وبناء اليمن، الدولة والمجتمع ، ويُرى بها محبة الحياد وعدم القتال، وهما شر يؤدي لهيمنة الإمامة وتمزيق اليمن، يقول الله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة ٢١٦.

الشعوب قد تُهزم وتُخذل، لكنها لا تموت، ولا تُقهر، اليمن بلادنا ليس لنا غيرها وطن، ولن يتركها المخلصون من ابنائها للمتآمرين والعابثين والطامعين، نحن شعب ميّزنا الله بسورتين في قرآنه سبأ والأحقاف، ووصف الله اليمنيون بأنهم أولوا قوة وبأس شديد، ولهم مجد وتاريخ تليد، فنحن ننحني ولا نركع، نواجه ولا نخضع، صلتنا بالله متصلة، ولنصرة دينه ورسله بكل مللهم، واصلة.

هناك تآمر على بلدنا وشعبنا، وشرعيتنا ومشروعنا، نعم، هناك خذلان نعم، هناك جهل بحقيقة الحرب والصراع، نعم، هناك ثقافة فيد وغنيمة نعم، وكلها تندرج ضمن تآمر المكر، لكننا على يقين بأمور، الأول: ثقتنا بالله الذي سيجعل مكر تآمرهم محيق بهم، والثاني: ثقتنا بقيادة فخامة الرئيس هادي الذي واجه مكراً وتآمراً وخذلان أشد من هذا، الذي نواجهه اليوم، وبتوفيق الله لم يخضع ولم يستسلم، وحين تتطلب اللحظة التاريخية، قراراً وفعلاً تاريخياً، لا يتردد بالقيام به.

الثالث: أن الله يُملي للمتآمرين استدراجًا لهم، ليزدادوا أثاماً فوق اثامهم ويحق عليهم العذاب فلا تظنوا أن ما يحققونه انتصارات، يقول سبحانه (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) آل عمران ١٧٨.

فما يحدث اليوم هو فضح وانكشاف، للمتآمرين والمتخاذلين، فمحاولات اسقاط مأرب، وإعادة التموضع والانتشار، عناوين لعجزهم وفضيحتهم وانكشافهم، فلا مأرب ستسقط، ولا كذبة إعادة التموضع والانتشار ستحقق مآربها.

فإعادة التموضع واعادة الانتشار من وجهة النظر العسكرية كما يقول العسكريون، لا ينسجم مطلقاً مع الذي حدث، فإعادة التموضع يتم في حال وجود معارك جارية، لتقليل الكلفة وتحقيق النصر بالتضحية بقطعة أرض، حين يجد المدافع أن فاتورة الكلفة ستكون باهضة، في رقعة ما من أرض المعركة، فيتم التضحية بقطعة أرض لا تُفقد المواجهة أي قيمة عسكرية، أو لوجستية، أو عملياتية، وتموضعه يعطيه ميزة عسكرية تمكنه من الدفاع بمقدرة وقوة، وعدم اعطاء القوات المهاجمة أي ميزة هجومية، وهذا لم يحصل، أما اعادة الانتشار فكما يراه العسكريون، فهو يتم بعد توقف القتال وانتهاء العمليات، فيتم انتشار القوات لإغلاق الثغرات، وتأمين ما يطلق عليه الإسناد المتبادل، بين القطاعات العسكرية المختلفة، وهذا لم يحدث فما جرى هو عملية انسحاب كاملة وفق المفاهيم العسكرية.

وكما يقال (رب ضارة نافعة) فعلى الشرعية وتحالف دعمها بقيادة المملكة الشقيقة، بعد أن افتضح التآمر وأدواره، اعادة تقييم وتقويم ما حدث، والمصارحة وإعادة ترتيب الأوراق والأولويات، واعتقد أن هذا ما سيحصل، فقد بين الله مكر الماكرين وتآمر المتآمرين، وسيُحق الله الحق وينصر شرعيته ومشروعه وتحالفه بقيادة المملكة الشقيقة، ولو كره المجرمون يقول سبحانه،(وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) يونس ٨٢.(لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) الأنفال ٨.

د عبده سعيد المغلس

١٤-١١-٢٠٢١

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان