وهج الرماد .. رواية يمنية تحاكي الواقع
الساعة 02:45 مساءً

عن دار عناوين للنشر والتوزيع ، التي شعارها "رؤية عصرية للنشر" صدر حديثاً رواية "وهج الرماد" للشاعر والأديب المتميز دحان القباتلي.

هذه الرواية التي سكب فيها الروائي أبو يمان رؤيته ومشاعره، عالج فيها قضية مهمة هي أم القضايا في بلادنا، التي يعاني منها جميع اليمنيين، وهي وباء النعرة الطائفية، وتفشيّها، وخطورة تغلغل أصحاب هذ النعرة الطائفية الشريرة في مفاصل الدولة وفي زوايا الحياة.

"إن من دواعي الفرح والسرور أن ترى شيئا من حلمك يتحقق، ويتفاعل مع حركة المجتمع، ويصبح حقيقة ملموسة، ومتجسّدة على الورق الأبيض، ويكون الحرف العربي المبين هو مَن يصول ويجول في مملكة مشروعك الأدبي" .

هكذا عبر القباتلي عن بهجته بصدور هذه الرواية أخيراً في كتاب مطبوع ومن دار نشر كبيرة وأصيلة.

 

"من يا ترى له مصلحة في إشعال فتنة طائفية بهذه القرية الوادعة ..؟

من المستفيد من القلاقل وزعزعة الأمن ، وسحق الطبقات الهشة، وأصحاب الدخل المحدود؟

كم من عامل سرح من مصانعنا المتوقفة عن الإنتاج ؟

وكم من رأس مال سحب من بنوكنا المهددة بالنهب .. ؟

إن هذه الفتنة ميتة الضمير خبيثة المآرب لا تستحي من التلفع بثياب الوطن، ورفع الشعارات الوطنية في سبيل تحقيق أجندات مشبوهة، الله أعلم بمداها وبمن وضعها .

والحاصل أن الوضع خطر، وينذر بالانفجار ما لم يتداركه العقلاء ، وأهل النخوة من أبناء هذه الأرض".

 

هذه الفقرة من هذه الرواية الجميلة "وهج الرماد"، التي صدرت بها دار النشر غلاف الرواية المطبوعة.

رغم قتامة الأوضاع في بلادنا ، بسبب هذه الفتنة المستعرة ، إلا أن أجمل ما في الرواية أن الكاتب أضفى عليها روحه المتفائلة وزرع في سطورها زهور الأمل و ورود الأماني بأشعة شمس ستنير أيامنا وتزيل خيوط الظلام التي تعبث بحاضرنا.. ففي " خضم الأحداث المتسارعة سينتصر الحق على الباطل، وينتصر الحب على الكراهية، وتنتصر الوردة على البارود." . هكذا عبر الكاتب.

 

بسبب أن كتاب الرواية يشكلون موهبتهم ويصقلونها بقراءة الروايات المترجمة عن روائيين في الشرق والغرب متمردين على مجتمعاتهم وثقافاتهم، استقر في أذهاننا أن كتابة الرواية مقترنة بالإلحاد، حتى أني فكرت مرة أن أكتب سؤالاً بسيطاً وعميقاً وهو: هل كاتب الرواية لابد أن يكون ملحداً ؟!

وهل من شروط الرواية الناجحة أن يطعمها كاتبها بالمشاهد الجنسية، والعبارات الفلسفية الإلحادية، والمضامين المتمردة على قيم وتقاليد المجتمع. أغلب النقاد والنوادي الأدبية والجوائز الروائية، لا تحتفي عادة إلا بهكذا روايات ثورية متمردة على كل شيء !!

قلة من الأدباء المبدعين في القصة والرواية، أثبتوا لنا فعلاً أن الرواية والقصة التي ترتكز على القيم الأخلاقية والمبادئ الدينية والروحية، هي الأكثر تميزاً وتألقاً والأعمق تأثيراً، حتى لو أهملها الوسط الروائي والقصصي المتحيز.

هذه الرواية أنموذجاً لكسر هذا التابلوه والقالب الوهمي السائد الذي حاولوا أن يسوروا فيه فن القصة والرواية بهذا الجدار المنهار على شفا جرف هار.

الرواية التي نسجتها أنامل الكاتب والأديب "القباتلي" من حروف ذهبية وماسية، ليست هي الموهبة الوحيدة التي يتميز بها الكاتب، فإلى جانب إسهاماته المتميزة في الفكر والثقافة، فهو شاعر رائع رقيق المشاعر والكلمات، ينثر شعره الفصيح المقفى وشعر التفعيلة أيضاً على سفوح الفن والإبداع.. وهو شعر راق في مبناه ومعناه ..  هذه إحدى معزوفاته الرائعة :

 

قالت :

رحلتَ ولم تعُدْ

وتركتَ عصفوراً يطيرْ

وقصيدةً جَذلى بحبِّ الياسمينْ

والزهرةُ الصفراءُ تُسقَى مرتينْ

وحبيبُ بنت الجار أرَّقَها الحنين

.............

وقِبابُ مسجدنا الكبير تصدَّعت

والقلبُ يشكو الهجرَ"باكٍ على الأطلال ساكرُهُ وحيد"

أين المحبةُ والورود؟

يا هاجري خِنت الأمانةَ والعُهُودْ

ولبستَ ثوبَ الذُّل بعد المعزة والفخار

فلِم التكبّر والجحود؟

.............

كن طيبا.. كن راقيا كن ناشراً للخير..لا للكبرْ

أنا لستُ بنت الريح؟

بل من بنات الأكرمين.

حُبَّي متينْ

.................

فسأل رُبى بيروتَ عنَّي والجُدُودْ

كم أبغض الكذبَ المُنمَّق والنفاق؟

فالقلب شاخْ والحب يكسوه السوادْ

فلمَ البِعاد ولمَ التَخلي والعِنادْ.

 

في إحدى إلماحاته العبقرية قال "القباتلي" :

"في الخريف تتساقط أوراق الشّجر ويبقى الجذع ثابتا وقويا، وفي الأحداث الكبرى يتساقط الأغلبية من بني البشر، ويبيعون ضمائرهم، ومبادئهم، ولم يثبت إلا القلّة القليلة منهم، وحين تهُبّ رياح الحرية تتغيّر القناعات، والكل يدّعي الثّبات!!".

تهانينا لهذه الموهبة المتميزة والقلم المتألق مداده من المشاعر والأحاسيس الراقية والأفكار الأصيلة السامية.. وتمنياتنا له بالتوفيق والمزيد.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان