رسالة من مواطن في المحافظات الشمالية إلى أخيه في المحافظات الجنوبية
الساعة 09:02 صباحاً

أخي العزيز، إن الله خلقنا على هذه الأرض دون غيرها واختارها لنا دون أن نختارها لأنفسنا ودعانا للعيش فيها كأخوة فيما بيننا ولم يدعنا إلى القضاء على بعضنا البعض أو لنتجاهل بعضنا البعض ، وطلب منا أن نتفاعل فيما بيننا، وكان بإمكانه أن يخلقك في الشمال ويخلقني في الجنوب ، فهل كان ذلك سيغير من وضعنا؟ ، لا أعتقد ذلك، فالذي يغير في وضعنا هم أولئك الذين يدعوننا إلى التحصن بالمناطقية ، لكي لا نكون معا ، يريدون تحويل وحدتنا إلى تفكيك، ولهذا فأنا أدعوك لأن نعمل معا في مواجهة الهويات المناطقية والتشبث بالهوية الوطنية وأن ندافع عن كرامة المواطن وأن نواجه الحياة بطريقة جماعية ، لأنه لا يمكن لأي منا مواجهة الحياة بطريقة منعزلة ، فنحن بحاجة إلى أن نساعد بعضنا البعض ، لكي نمضي إلى الأمام ونبني أحلامنا معا وألا نتوقف عند السراب الذي نرى به ماليس موجودا.

إننا أبناء هذا الوطن الذي يأوينا جميعا ، علينا أن نستخلص الدروس من الحروب والإخفاقات التي واجهتنا أثناء تمزقنا ، وهذا يدفعنا إلى الاعتراف بأن الوحدة أسقطت هذه الحروب وأخمدت الثأرات ليس فقط بين الشمال والجنوب ، بل أيضا بين أبناء الجنوب أنفسهم ، وعلينا أن نشكر الآباء المؤسسين لثورة ٢٦ سبتمبر ، ١٤ اكتوبر الذين أرادوا مستقبلا يقوم على القدرة على العمل فيما بيننا والتغلب على الانقسامات التي خلقها الاستعمار في الجنوب والإمامة في الشمال ، علينا أن نعزز التواصل بين جميع أبناء الشعب اليمني وأن نتجاوز أولئك الذين يقودوننا نحو الصراع وتجديد الهويات المحلية المشحونة بالانغلاق والتعصب والعدوانية التي قضت عليها ثورة 14 اكتوبر.

هناك من يتبنى الانغلاق مستخدما الصراع وسيلة إلى ذلك من أجل فرض نموذج مناطقي واحد بهدف التفرقة بين اليمنيين وجعلهم شعوبا متعددة بدلا من شعب واحد ، ونتيجة لهذه الثقافة التجزيئية ، فإنهم يضحون بنا وفق خيارات تفضل منطقة على أخرى ، يزعمون أنهم يقاومون الظلم وهم يكرسونه بأبشع صوره ويقدمون منطقة على أخرى ، واحدة تستحق الحياة بلا حدود وأخرى تسجن خلف الحدود.

إن ما يتم تدميره اليوم هو المشروع الوطني ، ولهذا فإن الوطن يمضي نحو انقسام لا مبرر له ، يخدم فقط مشروع الحوثي العنصري الذي يرغمنا على العيش في ظروف مشابهة للعبودية ، وكما ترى وكأن التاريخ يعيد نفسه ، فالاستعمار عاد إلى الجنوب ، والإمامة عادت إلى الشمال وجميعهم لا يترددون في استغلال المواطن وتجاهله ، بل وحتى قتله ويعامل كأداة لا كغاية.

إن جائحة الحوثي في الشمال والانتقالي في الجنوب ، يجب أن تولد لدينا الإدراك بأننا نركب زورقا واحدا ، حيث ضرر فرد واحد يصيب الجميع ، وعلينا أن نتذكر أنه ما من أحد يخلص وحده ، وأنه لا يمكننا أن نخلص إلا مجتمعين ، ولهذا أقول لك إن العاصفة أسقطت القناع عن ضعفنا وعن كذبة العراف الذي صدقه أشقاؤنا ، وفضحت الضمانات الزائفة التي حددها مجلس الأمن التي كنا قد بنينا عليها أمنياتنا وأولوياتنا ، فاكتشفنا معها أن تلك الأيديولوجية النمطية من قومية وأممية لم تكن سوى خدعة ، لأنها باتت اليوم عاكفة في محراب عاصفة الحزم التي ولدت أحزمة في مواجهة الشرعية ، وهذا بالطبع يجعلنا نعيد التفكير في مشروعنا الوطني وعلاقتنا ببعضنا البعض.

أختم رسالتي لك بالقول ، إننا إذا فشلنا في استعادة مشروعنا الوطني ، فإن الهويات المناطقية والعنصرية التي تخدعنا ستسقط بشكل مدمر وستتركنا للفراغ وستؤجج العنف والتدمير المتبادل ، لأن من يشيد الجدران سينتهي به المطاف بأن يكون عبدا داخل الجدران التي بناها لأنه يفتقد إلى الآخرين.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان