غرباء عن التاريخ!
الساعة 03:02 مساءً

ماذا لو عاد اليمن سعيدًا بالفعل؟! جميلٌ أن يبرُق هذا السؤال في مخيلة أحدهم في وقتٍ بلغنا فيه ذروة انكماشنا الحضاري. يبدو الأمر أشبه بتحفيزٍ عفوي لنوستالجيا ترعف شجنًا، لكنها _على الأقل_ عزاؤنا المعنوي في لأوائنا وفاقتنا، ومخاضنا المميت.

لنا أن نتخيل كم أصبحانا غرباء على التاريخ، كريشة سائبة في الفراغ، دلو ظامئ في غيابة الجب، طلل بالٍ على هامش الريح.. حقًا إن في الجمع بين النقائض ما يكفي من المشقة!

لا أدري أي فدية يتعين علينا دفعها للتاريخ، نظير منحنا فرصة لاختراق الردم الذي يحُول دون اتصالنا بمجد أسلافنا المنيف! كم سنة ضوئية ينبغي خوضها للانعتاق من زرد العجز، قبل أن تتهشم صرختنا قبل مترٍ من الهاوية!

 

كان هيجل يعتقد أن التاريخ يُنْمَى إلى كينونة مُدرِكة، ينشأ غضًا ثم يتطور في نمو تصاعدي حتى يصل إلى النضج، بيد أن نتوءًا ملوثًا قد أفسد هذه الحتمية الأزلية وقطع امتدادنا التطوري من عنقه، وجلعنا لقرون نشازًا تاريخيًا لا ينفك يرفس في بدائية جنينية لتاريخٍ أعزل وُلِدَ عرضًا مُنبتًا ولمّا يتعلم المشي بعد!

ربما قد أكون انفعاليًا بعض الشيء في هذه النقطة، لكن حقيقةً ليس بإمكاننا صقل التاريخ بمجرد استحضار عناصر تخيلية منزوعة العروة ومرخية الوثاق، ما لم نملك قابلية ذاتية على إحداث ازاحة كافية تعيد الاتزان الوظيفي للسيرورة التاريخية على الوجه الذي ينبغي.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان