تفشي الهويات المناطقية على حساب الهوية الوطنية
الساعة 08:53 صباحاً

لم تكن الهوية الوطنية اليمنية مستهدفة ، كما هي اليوم ، يعود السبب في ذلك إلى تفشي الهويات الطائفية والمناطقية والتي أضحت تشكل خطرا على الهوية الوطنية وتعيق وحدة الشعب اليمني وتخلق حالة من الانقسام وتؤثر على القدرة الكلية للشعب اليمني ، فهي تضعف شعور الأفراد والجماعات بالمصلحة العامة وتقوي الشعور بالمصالح الفردية وتعطل التغيير الاجتماعي والسياسي.. .

حينما يبدأ القبول بالانتماء المناطقي أو الطائفي فإن ذلك يعني التسليم من المواطنين بأن الوطن ليس لكل المواطنين والتسليم بأنه ساحة صراع على مغانم فيه..وانتشار الهويات المناطقية على حساب الهوية الوطنية يكون مدخلا للتدخل الخارجي ، بل وللاحتلال أحيانا ، حيث تصبح الانتماءات الضيقة مبررا للتعامل مع أي جهة خارجية من أجل مواجهة الانتماءات الأخرى ، كما هو حاصل اليوم لدى المليشيات المناطقية والطائفية.. .

ولكي نتجنب هذه الصراعات والانقسامات ، فإننا بحاجة إلى تعزيز الهوية الوطنية وهي مسؤلية متعددة الأطراف تشمل الحاكم والمحكوم ولا يمكن الوصول إلى ذلك مالم نعزز الهوية الوطنية ونعتز بها ، مشكلتنا اليوم تتحدد في بروز النعرات الطائفية والمناطقية.. .

نحن اليوم على امتداد الوطن أمام محاولات مختلفة الأوجه لتشويه الهوية الوطنية ولجعلها حالة متناقضة مع النسيج الاجتماعي ، وأصبح الحديث عن مشكلة الجنوب يطرح حلولا انفصالية ، بينما أساس المشكلة هو غياب الفهم الصحيح والممارسة السليمة لمفهوم المواطنة ، ليس فقط على مستوى الشمال والجنوب ، بل أيضا على مستوى الجنوب كجنوب والشمال كشمال ،فظهور الحوثي الطائفي في الشمال ومثله الانتقالي المناطقي في الجنوب كرسا الهويات المحلية على حساب الهوية الوطنية.. .

نحن اليوم أمام هويات تتصارع على حساب الهوية الوطنية المشتركة ، فالوطن الجامع بين كل اليمنيين هو حجر الزاوية المنشود لمستقبل أفضل ، وحينما نضعف الهوية الوطنية فإن البديل هو الانقسامات الحادة والحروب الأهلية ، كما هو حاصل اليوم.. .

إن الركون إلى الهويات المحلية تظل الأوضاع غير مستقرة وتضعف من عملية الاندماج بين مختلف الشرائح الاجتماعية وتظل الهوية هشة ومشوهة ، ويظل الانتماء سطحي الهدف منه تحقيق غايات ومصالح فردية أو فئوية سياسية كانت أم اجتماعية ، لهذا تنمو الهويات الفرعية بسهولة ، مما يضعف عملية الاندماج بين أفراد المجتمع ويصبح الانقسام والاختلاف هما السمة المميزة التي تعمق الهويات الفرعية.. .

نحن اليوم بسبب الهويات الطائفية والمناطقية نحد أنفسنا أمام مشاريع صغيرة تقود نحو الانقسام والتناحر والصراع بدلا من الاستقرار والبناء ، وما نريده اليوم هو استرجاع الهوية الوطنية الجامعة لكي نسترد المواطنة المتساوية والتي لن تتحقق إلا في ظل دولة تحمي جميع أبنائها ولن تتحقق هذه الدولة إلا بتحرير الإرادة الشعبية ، ولا يمكن تحرير الإرادة الشعبية إلا بشعور جميع المواطنين بأنهم ينتمون إلى وطن واحد وليس إلى مناطق متعددة..

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان