اليمن والصراع عن الكنز
الساعة 09:00 مساءً

عندما ينظر لليمن مجرد (جزيرة الكنز) وما في باطنها من ثروة , ولا ينظر لها كعزوة  , نظرة لصوص وعصابات البحث عن الكنوز , تخطط وتتحايل للاستحواذ على تلك الخيرات .

الثروة الحقيقية للأمم هي الانسان , الانسان الذي بناء نهضة اليابان والصين ودول شرق آسيا و أوروبا وأمريكا .

النهضة يصنعها العقل , يخطط لها يبتكرها , هذا العقل الذي يبنى بأسس سليمة , ويتأهل بحرية التفكير , ويجد فرص للأبداع , هو وحده القادر على استغلال الإيجابي لثروات باطن الأرض , وبرمجة أمور الحياة , لينافس بقوة العلم والمعرفة , كل يوم يصنع شيء جديد ومفيد , نحن نتسابق على اقتناءه .

بينما الأمم التي تعتمد على ثروات باطن الأرض , بدون إنسان مؤهل  , هي أمم تشبه لحد بعيد لصوص الكنوز , لم ترع حق الإنسان في الحياة , والتفكير والإبداع والابتكار , وإذا بالإنسان فيها الحلقة الأضعف , وبالتالي تعيش رعب السقوط , واستنزاف ثروات باطن الأرض , وترى ان مستقبلها مرتبط , بمدى تأخر من حولها , وتعطل نهوض الدول المجاورة , و استثمار ثرواتها , وتبقى في صراع دائم مع نهضة تلك الدول ,كل برامجها وخططها تنصب في تموين صراعات داخلية , وتغذي تناقضات سلبية , في استغلال غبي لثروتها للشر , مما يعود عليها بمزيد من الشرور , و وقع الإقليم ودول الخليج مثال واضح لذلك .

من المؤسف ان تقع اليمن في بؤرة تلك الصراعات , و واقع الانسان فيها ضحية هذا التموين , ضحية الاستقطاب الذي يغذي تناقضاته , ليبقيه في وضعه البائس والسلبي , موظفا متسولا للخارج , يفرض عليه قبول التوظيف  السيئ , والعمالة  وخيانة وطنه , بعناوين مختلفة , ومختلف عليها , وهو اضطرار الغباء والتخلف والجهل الذي يعيشه المجتمع ,مما أوصلنا لما نحن فيه من باطل   .

وها نحن في الباطل غارقون , تائهون في البحث عن الكنز , منقسمون في صراع عن ثروة لازالت في باطن الأرض , إذا كنا غير مؤهلين على الحفاظ عليها , فنحن غير مؤهلين على استثمارها استثمارا جيدا , ثروة نعم الله علينا بها لتكن خيرا , وغبائنا جعلها نقمة وشرا , كلا يصر انه صاحب الحق بالكنز , موجود في منطقته , مما يثير حفيظة المناطق التي تشعر انها تستثنى من حصيلة هذا الكنز , فتتجه للحق الإلهي , والحق الوطني , والحق التاريخي , والسياسي , وهي حقوق يراد بها باطل , باطل يصنع له هويات , ومشاريع صراع أبدي .

وبددنا أهم كنز لدينا وهو الإنسان , الإنسان اليوم ضحية كل هذا الباطل , تائها بين هويات مزورة ومنمقة , تجرده من القيم والأخلاقيات , ومقيد بإرث وموروث معقد , مما جعله ضحية انقسام العصابات , وأداتها في البحث عن الوهم , و وقودها في نيران الصراع السلبي المدمر للحياة .

شعب يعيش مشكله مع العقل والتفكير , لا يقبل الأفكار , ولا يستوعبها , وغارق  في الأحداث , وهايم بالأشخاص , ويعيش وهم الكنز المنهوب , والثروة الموعودة , في تغييب واضح للعقل , وفقدان القدرة على التفكير , ولا يعلم ان العقل والتفكير هما مصدر تنمية الإنسان القادر على الاستغلال الجيد لثروات الشعوب والأمم .

فهل نتعظ , ونعود للعقل وجادة الصوب و والتفكير العلمي والمنطقي في تقييم مسيرتنا , وخيبتنا , لنستعيد حقنا بالحياة , ونعيد تقييم كل القيم التي نرفضها اليوم , وندرس سبب هذا الرفض , وأين تكمن المسئولية , سنجد اننا المسئولين عن ما حدث ويحدث لنا , نحن من رفع من شأن البغاة والمستبدين , وصفقنا للمنظومة الفاشلة , ولازلنا نصفق للبديل الفاشل , لم نرى بعد الطريق السليم للمستقبل , بعيدا عن الصراع القائم , والتوظيف الاعماء ,والاتهامات والتخوين والتكفير , والعنف والعنف المضاد , مسيرتنا كلها دماء وثارات وغزوات للاستحواذ والاستئثار بالسلطة والثروة , نزيد من حجم التراكمات , نحن الكارثة التي استدعت كل الكوارث على رؤوسنا , لأننا نولي علينا أسوأ ما فينا , بعقول مغيبة , وتفكير دون بصيرة  .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان