مابعد الحداثيون العرب
الساعة 11:59 صباحاً

لم يستورد المثقفون العرب ”ما بعد الحداثيون” طروحات ما بعد الحداثة لرغبتهم في تجاوز أخطاء الحداثة وعيوبها.

استوردوها لأنها جاءت متناغمة مع ما ورثوه وتم تنشئتهم عليه من أفكار خرافية، تقليدية، ولاعقلانية كأبناء لمجتمع ”ما قبل الحداثة”.

عادت ما بعد الحداثة الغربية ”العقل” بسبب سطوته القوية في الغرب، فعاداه مابعد الحداثيون العرب رغم ضعف مكانته في الثقافة العربية فقط لأنه متناقض مع نزوعهم للخرافة.

وعادت ما بعد الحداثة ”التنوير” لأنه كان ناقصا، متحيزا للغرب، فعاداه مابعد الحداثي العربي لأنه أقلق طمئنينته واستسلامه للموروثات والمسلمات.

عادت ما بعد الحداثة ”العلم” لأنها جاءت من الشموليات التي تعلي الايديولوجيا على البحث والتجربة، فعادى ما بعد الحداثي العربي العلم لأنه غريب على وعيه وعقله وبيئته وايمانه.

وعادت ما بعد الحداثة ”التقدم” منطلقة من رومنسية اوروبية قديمة ترى أن التقدم يحمل معه تفسخ الحضارة والقيم، فعادى ما بعد الحداثي العربي التقدم لأنه مشدود للخلف بسلاسل من حديد مطلي باللون الذهبي  وعادت ما بعد الحداثة الغربية ”عالمية حقوق الإنسان” ظنا منها انها تفتح المجال لحداثات بديلة، فعادى ما بعد الحداثي العربي حقوق الإنسان لأنه لا يؤمن بالانسان أصلا.

قدمت ما بعد الحداثة للمثقف العربي المعادي للتطور نفس بيئة التخلف واللاعقلانية والاستبداد لكن بعد ان غلفتها تحت شعارات ايديولوجية براقة، وبدلا من ايتيرادها من فكر محمد عيطبدالوهاب والخميني صار بامكانه استيرادها من افكار فوكو وليوتارد وديريدا ورولان بارت.

نفس النبيذ القديم في زجاجات جديدة.

جاذبية ما بعد الحداثة في السياق العربي مرتبطة بالانتقام ل”ما قبل الحداثة” وليس بتصحيح اخطاء الحداثة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان