تعز التي لم تنم
الساعة 09:17 صباحاً

لم تنم تعز ليلة 21 من أيلول الأسود 2014م. جراء الغدر المُبيّت الذي أودى بالعاصمة صنعاء وتم تسليمها غدرا و مكرا - بكل اللغات و أنواع العملات - لمليشيا إيران.

   فخرجت تعز ثائرة  في تلك  الليلة منددة، و رافضة، ومستنفرة.

   تكرر المشهد يوم 20 من مارس 2015م. عندما حُمِلت مليشيا الكهنوت - مدعومة بتلك اللغات و العملات - إلى تعز، ليفتح لها الغدر و المكر كل معسكرات الدولة، و في غمضة عين انقادت قيادات ألوية و معسكرات؛ لتؤدي التمام لصبية مليشيا الكهنوت، إلا بعض ضباط و جنود أبت شهامتهم ووطنيتهم أن يفرطوا بالثورة و الجمهورية، فانخرطوا في المقاومة .

   ليلتها لم تنم تعز،  و لم تهتز، و تصدت بصدور عارية، إلا مما يعمرها من إيمان، و بأيد خالية، إلا ما يملؤها من عزم و إرادة.

   و بينما استسلمت قيادات ألوية عسكرية و انبطحت للحوثيين، توارى في المقابل كثير من المسؤولين المدنيين عن مواقعهم، أو سلموا للكهنوت !

 

   فهل كانت تلك القيادات العسكرية مبنية على أسس وطنية حين سلمت للكهنوت الحوثي تلك المعسكرات  !؟ سؤال مقصود.

 

   قبيل ذلك كان الثوار يطالبون بإجراء تغييرات عسكرية و مدنية، في المحافظة فكانت الكواليس تحول دون ذلك، و كان المكر والتلكؤ من نصيب الأولى، فيما ووجهت مطالب الثوار في إجراء التغييرات المدنية بتهمة المحاصصة!!

 

   وظل هذا المصطلح الصنم يُرفع كلما طالب الثوار بالتغيير، و كان من نتيجة عدم التغيير أن سُلمت كل المؤسسات المدنية و العسكرية لمليشيا الكهنوت.

 

   فهل حضرت المناكفات البلهاء، و تصفية الحسابات العمياء،  كما حضرت عند الغدر بعمران، ثم المكر بصنعاء !؟

   مجاف للحقيقة من ينكر ذلك أو يقلل منه !! 

 

   و عودة إلى المحاصصة التي تروج كتهمة، إليكم هذه الحقيقة : أصدر المحافظ الحالي منذ مجيئه  حوالي عشرين قرارا قي مواقع إدارات عامة، منها ستة عشر قرارا محسوبة على حزب واحد، فيما أربعة قرارات فقط لثلاثة أحزاب أحدها الإصلاح .. هل هكذا يكون التقاسم أو المحاصصة !؟

 

  و منذ العشرين من مارس 2015م. و حتى اليوم لم تنم تعز، و إنما واجهت برجولة، و صمدت بثبات في وجه حرب فرضت عليها.

   وهذا الصمود أغاظ و يغيظ المتربصين و الموتورين بتعدد لغاتهم و عملاتهم !!

 

   نعم ثبتت تعز - بفضل الله - برجولة، و صمدت بثبات، رغم شحة الإمكانات، و قلة القليل من الدعم.

   ثبتت بمقاومتها و أبطالها ثم بجيشها الذي أخذ من يومها يتشكل، و لم تعد المقاومة محصورة وسط شارع جمال بل كسرت الحوثيين وطردتهم إلى خارج المدينة، فهل يقبل أن يأتي  من ينكر تضحياتهم، و يتنكر - اليوم - لبطولاتهم !!!؟

 

    و كما لم ينم أبناء تعز منذ ذلك الحين للدفاع عن كرامتهم، و ثورتهم، و جمهوريتهم،  كذلك لم يتخلى المتربصون بالثورة و الثوار عن مواقفهم الموتورة تجاه الثورة، و إنما طووها في صدورهم إلى حين غفلة تحين، أو فرصة تطل .

 

   لم يَرُق لهؤلاء - و من خلفهم - مموليهم أن تكون تعز خالصة للشرعية ، فتحركوا بلغاتهم و لهجاتهم، وقنواتهم و عملاتهم؛ بحثا عن نخبة يعسكرونها هنا، أو حزام يزرعونه هناك، غير أن يقظة المجتمع أفشلت كل تلك المحاولات و المؤامرات.

 

   لكنهم و إن فشلوا في هذا فإن أمامهم ميادين البلبلة الإعلامية  التي أبوابها مفتوحة على مصراعيها للإرجاف، فتجند الدرهم و الدولار،  و هذه القناة و تلك، و مطابخ مموّنة بشتى البضائع الفاسدة ؛ للتشهير بتعز ، وتشويهها، وتقديمها للملأ بكل سوء  و قبح، إلى حد الاستعداء عليها .

 

  و الأسوأ أن الصديق أو الزميل أو القريب .. سمه ما شئت.. لم يتعظ بمآلات مناكفات ما قبل عمران و صنعاء، فبقيت مواقف البعض أسيرة تلك الحالة،  تفتش عن عثرات الأخ و أخطاء الشقيق، و لا تلتفت لجرائم الخصم، و ما يفعله العدو !  فخاضوا مع الخائضين، غير متورعين - في كثير من الأحيان - عن الافتراء الصارخ، و اختلاق التهم الصُّراح !

 

   و قد تجد تصريحا أو بيانا يسب - مناكفةً - الأبوين ، ويسب الإخوة والأخوات، و الأصدقاء و الأقربين، و لا تجد في ذلك البيان حتى غمزة للعدو الحوثي المستطيرة عداوته !

 

   في الظروف الاستثنائية - كالوضع التي تعيشه اليمن - لا صوت يعلو فوق مواجهة تلك العوامل و الأسباب التي صنعت الظروف الاستثنائية، التي هي الحرب، دون إهمال أو مهادنة لفساد أو عبث.

 

   في الآونة الأخيرة، أعلن المحافظ النفير والاستنفار لاستكمال التحرير، و الغريب العجيب أن هناك من امتعض من هذا الإعلان المسؤول، وتناوله البعض بالغمز و اللمز ، و كأن تعز ليست بحاجة لحشد الطاقات لإنهاء الحصار،  واستكمال التحرير .

 

   نعم .. الفساد و القصور و العبث يجب مواجهته و اتخاذ الإجراءات الصارمة و اللازمة لمواجهته و محاصرته حتى إزالته، خاصة وأنه آفة موروثة قد تجذرت منذ عقود.

 

   وفيما الصادقون الجادون يتصدون لكشف الفساد والعمل على تطويقه ، يبرز الموتورون من الثورة  - ممن طووا صدورهم تجاهها على غيظ وكيد، و مكر و انتقام - ليركبوا الموجة ؛ بغرض تمرير مآربهم و أغراضهم الخفية من خلال هذه اللافتة.

 

  كل تعز عليها أن تتصدى للفساد، و كل تعز ينبغي أن تتنبه ألا يركب الموجة الفساد !

 

   و لأهمية الأمر تفاعل الجميع للحديث عن الفساد ،  وتحت ضغط إيحاء من لم يتحدث عن الفساد فهو فاسد، أو من لم يرمها بحجر فهو خاطئ !  أطلق البعض الحديث إلى أقصى مدى، دون أدنى ضابط.

   و تنفس الفساد و الفاسدون، و الموتورون من الثورة الصعداء، فقد آن أوان ضربتهم، و إخراج ما في نفوسهم .

 

   إن يقظة المجتمع عليها أن تتنبه في ألا يضيع صوت الجادين، و صوت الصادقين في مواجهة الفساد في خضم أصوات أصحاب الأغراض المبيتة، وأصحاب الغايات الخفية، و النوايا السوداء، أو استنتاجات أولئك الذين يعايشون أوضاع تعز من على صفحات التواصل الاجتماعي أو تسريبات التضليل.

 

   هناك الموتورون.. و هناك المنتقمون من الثورة، و هناك قبل كل شيئ الكهنوت  الذي ما فتئ يبحث عن ثغرات، وهناك أغراض شخصية،  و هناك طابور المناكفين المسكونين به حد الإدمان، و هناك ردود فعل الموقع المسؤول الذي تفسر مخاوفه أي حركة بأوهام و ظنون، يذكيها ويوظفها ضغوط المتربصين، من خلال مطابخهم وخلاياهم ذات اللغات و العملات و الثارات !

   إن تعز أمام أولويات ثلاث : استكمال تحرير المحافظة من خلال دعم رسمي و أخوي وشعبي فاعل، يمون الجبهات بفاعلية، هذا من جهة و يعزز استتباب الأمن من جهة أخرى، والثانية توفير الخدمات اللازمة و لو بحدها الأدنى، والثالثة إدارة حاضرة في كل مفاصل السلطة المحلية ترابط في مواقعها مرابطة الجندي في متراسه، تتابع مهامها العملية، و تصلح أي اختلال، و تعزز أي نجاح،  وتواجه أي فساد .

   و أخريان : إعلام يحب تعز حب الأم لأولادها، لا حب الدب لصاحبه ، و حكومة تعيد للعملة قيمتها لتوفر لمواطنيها عيشا كريما.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان