النضال لا يأتي من الخارج!
الساعة 10:53 صباحاً

الهروب من الوطن ليس نضالًا، هو مجرد نجاة بالنفس من مخاطر السياسة والتقلبات السياسية، هروب دافعه شخصي في المقام الأول، المنهزمون وحدهم من غادروا، ووحدهم من إنهزموا وتحملوا عبء معاناة النجاة بأنفسهم وعيالهم، الهزيمة هنا شخصية أكثر منها وطنية، ومحصورة بذات الشخص وأسرته ومستقبل أبناءه.. بالمقابل، هناك من بقي وواجه مصيره وأختار حياته في مدينته رغم كل شيء، لم يغادر ولم يصمت ولم يتراجع مع الأيام والتقلبات، هؤلاء أرقى المناضلين والصادقين والمرتبطين بقضايا شعبهم ومجتمعهم، لم يختاروا ذواتهم وأبناءهم، ولم يفضلوا النجاة بأنفسهم من مغبة ما صنعه المنتصرون عليهم، النضال لا يأتي من الخارج، والكفاح ضد الإستبداد والظلم والطغيان ينبثق دائمًا من رحم الواقع ومجتمع المضطهدين، وما سوى هذا مغالاة في التنميق الكاذب للذات المنهزمة، وتكريس برجماتي مبتذل لطموحاتهم المستقبلية..!

هل تتذكرون أليكسي نافالني؟ المعارض الروسي الذي عاد لموسكو معرضًا نفسه للإعتقال السياسي في مطار موسكو، وقبلها تعرض لمحاولة إغتيال إبان مغادرته روسيا للجوء السياسي في ألمانيا، بعد نجاته من محاولة الإغتيال قرر العودة للوطن، هذا فقط، ولا شيء سوى العودة للوطن، ليبدأ النضال السياسي الحقيقي من وسط الشعب، من الداخل، من بين الناس، بجراءة وحماسة وشجاعة لا تتكرر، عاد وخرجت في طريقه الجماهير المنتظرة لمن يتقدمها ويتصدر مواقفها، هو اليوم في السجن، وهو المكان الذي لن يطول، ليحقق بعده مشروعه وقضاياه وحلمه الذي عاد لأجله، ليعود رمزًا للنضال وللشجاعة الشعبية، وسيتحقق كل شيء، الناس يعرفون ذلك ويثقون به جدًا، أما الذين غادروا للنجاة بأنفسهم من عاقبة الإنهزام، هل تعرفون واحدًا منهم؟ كلا، لقد طمسهم الناس من خيالاتهم وعقولهم وذاكرتهم، لم يعودوا سوى جبناء فروا للنجاة بحياتهم مما صنعته أيديهم بكامل الشعب والوطن..

النضال يعني الداخل، ولا شيء غير الداخل، والصراخ من الخارج لا يعني شيئًا أكثر من الوهم والإنتقام.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان