ما هو الإسلام؟
الساعة 01:15 مساءً


من أكثر الجمل تداولاً على ألسنتنا: "الإسلام يقول كذا..." أو "الإسلام لا يقر كذا..." او "الإسلام ينص على كذا..."
نتحدث عن "الإسلام" بألف ولام العهد وكأن هناك إسلاما واحدا جامعا مانعا يشمل كل التفاسير والتأويلات والفهوم.
لكننا في الحقيقة نتحدث عن الإسلام بخمس معانٍ مختلفة:
1- الإسلام- النص: وهنا نجد اتجاهين مختلفين: إتجاه يجعل الإسلام الحقيقي محصوراً في القران فقط دون السنة، واتجاه آخر يرى ان الإسلام الحقيقي هو ما ذكر في القرآن والأحاديث معا. وحتى فيما يتعلق بالقرآن والحديث هناك اختلافات حول المتشابه والمحكم والآحاد والمتواتر..الخ.
2- الإسلام- الرجال: وهذا الاتجاه يتحدث عن الاسلام بصفته النصوص المقدسة زائدا عمل الصحابة واجتهادهم، والبعض يوسعه ليشمل عمل أئمة المذاهب ايضا و "إجماعهم"؟ وفي هذه الصيغة اختلافات واسعة حول عدالة الصحابة ومصداقية الائمة وقواعد الفقه والرأي والحديث.
3- الإسلام –التاريخ. وهذا المفهوم للاسلام يتوسع جدا في اعتقاد ان كل الممارسات التاريخية الاسلامية من السلاطين والحكام والقضاة وأولياء الامر عبر  التاريخ الاسلامي كلها "إسلام"، منذ عهد الراشدين حتى الخلافتين الاموية والعباسية وصلا إلى السلطنات والدويلات وما تبعها. ومشكلة هذه الصيغة انها تجد نفسها مجبرة للدفاع عن ممارسات تاريخية وحشية لا علاقة لها بالنص المؤسس، وتجمد الاسلام في الماضي والتاريخ.
4- الإسلام- المثال. وهذا الإسلام المثالي المفارق للواقع والبشر هو اختراع حديث نسبيا بدأ مع محمد عبده وعبارته الشهيره: " رايت في أوروبا إسلاما بلا مسلمين، ورأيت عندنا مسلمين بلا إسلام". في هذه الصيغة الخيالية للاسلام المثالي يحتوي الإسلام على كل شيء جميل ومبدع في الحياة: الديمقراطية والعلمانية والمساواة وحماية حقوق الانسان والعلوم والتكنولوجيا والفن والأدب والسيكولوجيا واكتشافات الكون والفضاء. 
5- الإسلام- الإيديولوجيا: أو الإسلام السياسي وهذه هي الصيغة الحركية للاسلام عند الاخوان والجهاديين وبعض السلفيين التي تتعامل مع الدين كايديولوجيا شمولية على شاكلة الماركسية والنازية. تختصر هذه الصيغة الاسلام في بعده الحركي الجهادي، وتؤسس بيانها على الحرب الابدية بين المؤمنين والكافرين، وتؤمن بالعنف الرمزي والمادي للوصول الى الحكم. 
لا يمكن أن يكون هناك إسلام واحد إلا إذا كان هناك فهم واحد ووحيد للنص الديني والتجربة التاريخية، وهذا مستحيل في غير جانب العبادات والأسس العامة للعقيدة. لهذا فلا معنى للعبارات المكررة من أمثال: "يرى الاسلام في كذا..."، أو "ينص الاسلام على كذا وكذا...."، لأن كل عبارة من هذه العبارات تستند بوعي أو دون وعي إلى واحد من "الإسلامات" الخمس وتعتبره الإسلام الحقيقي والوحيد والصحيح.
ما أجمل أن نتوقف عن وصف آرائنا بانها آراء الاسلام، وندافع عنها بصفتها آراءنا الشخصية بشجاعة ووضوح.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان