شهادة واقعية في حق أسرة هايل سعيد
الساعة 02:09 مساءً

فجأة تقف أمامه سيارة مرسيدس سوداء لرجل عاقل وبجانبه سائق، ثم يومئ له الرجل الأنيق بعد أن أنزل الزجاج بالاقتراب رغبة منه في الحديث معه.

 كان ابن عمي الشهيد سامي محمد أحمد حينها طفلاً ما دون الثامنة.

كان ألح علي ابن العم الخروج للعب سوياً في ذلك اليوم فرفضت ثم ذهب بمفرده للعب، لأندم بعد ذلك لاحقاً. 

يا بني أنا ابن هايل سعيد -وربما كان أحمد هايل أو عبد الجبار- في مشروع خيري، ربنا يكتب لنا الأجر جميعا، لازم أطلع عليه في منطقة كمب الروس، ممكن تروِّي لنا المكان؟

سامي: امشي على طول وارجع يسار بعد مشروع المياه بتلاقيه على يمينك، بس انتبه الطريق مخربة وإذا ترجع من الطريق الثاني بيكون أفضل.

نجل هائل: ممكن تجي معانا يبني تروي لنا ربنا يحفظك. 

سامي -يرتبك ويخاف أن يصعد سيارة فيها اثنان لا يعرفهما. 

يخرج نجل هايل كارته وبطاقته ويعرضهما لسامي: لا تخاف تعرف تقرأ هذي بطاقتي وهذا كرتي خليه معك واوعدك ارجعك إلى بيتك. 

اطمأن سامي وصعد معهما وأخذهما إلى وجهتهما، وبعد انتهاء مهمتهما أعاده نجل هايل بسيارته إلى المنزل ثم ناوله قبل النزول ورقة على عجالة فيها حوالة مالية مجزية له، وقال له قول لأبوك يستلمها من الإدارة العامة، وقد استلموها حينها وكان مبلغا ماليا لا يحلم به أي طفل في سن سامي -رحمه الله. 

في إحدى المرات في صنعاء وقد كنت أعمل صحفياً، كان ثمة زميل أطال في فترة خطوبته ولم يستطع التسريع في الزواج لسنوات وقد تلقى إنذارا من أهل الفتاة بفسخ الخطوبة إن لم يف بما قطعه لهم مرارا بسرعة الزواج. 

وعدته بمساعدته وحصلت ظروف لم أتمكن من مساعدته، فخطرت ببالي فكرة أن اتصل بشوقي هايل، وانتظر ما سيكتبه الحظ لهذا الزميل.

لم أكن أعرف شوقي شخصيا ولم يسبق أن تواصلت به قبل ذلك، لكنه تفاعل مع الأمر بعد أن عرَّفت له بنفسي وسمع شرحي للأمر، أخذ اسم الزميل وقال خليه يمر على مكتبنا بتعز، قلت له هو في صنعاء، قال خليه يمر على مكتبنا بصنعاء، وفعلا ذهب الزميل ونال مبلغاً جيداً. 

طبعا لن أتكلم عن زكاة رمضان التي توزعها المجموعة لكل منزل في تعز دون استثناء، ولكن سأتحدث عن موقف سمعته عن هائل سعيد الأب نقله الصحفي طه عن رجل وصّل للحاج هايل أنه يبيع الخمرة، وهو في منطقة قريبة من قرية الحاج أو من ذات القرية، فأرسل له الحاج أنه سيأتي إلى منزله للغداء معه، ودخل الحاج هايل منزل الرجل، ثم سأله بدبلوماسية هل تشتغل فقال له لا؟ ثم أعطاه توجيها للتوظيف في إحدى مصانعه، ليلتحق الرجل بالوظيفة ويستقيم حاله، بالرزق الحلال.

هناك الكثير من القصص والحكايا عن هذه الأسرة الخيِّره، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، هناك قريبة لي كانت وما زالت تدعمها إحدى الخيرات في المجموعة لعلاج السرطان في إحدى الدول منذ سنوات. 

ورغم كل هذا فإننا عند الحديث عن مشاريع مباني المدارس والمعاهد الفنية، والكليات في كثير من المحافظات فإن هذا كاف للتأكيد والتعريف بمن هي المجموعة، وللعلم فإن كاتب هذه السطور كان يدرس في مدرسة مكونة من صنادق وفصول شعبية، حتى تكفلت المجموعة ببناء مدرسة متكاملة بالتجهيزات، هي مدرسة الشهيد الطيار بكلابة -تعز، وانتقلت بعد ذلك من الجلوس على الأرض وتحت الشجرة والرياح والصقيع إلى فصل وكراس في مبنى نموذجي بفضل وخير هذه الأسرة المباركة. 

بمجرد انتقالي إلى ماليزيا عرفت أن ثمة فرعا كبيرا للمجموعة هنا. 

واستمرت معرفتي لبيت هايل أيضا من خلال مدرسة "ايماس" وما تقدم من تخفيضات كبيرة لأبنائنا الطلاب فضلا عن المنح التي تعطى لعدد من أبناء اليمنيين في المدرسة، وقد تكفل الأستاذ فؤاد هايل مؤخراً باعطاء جهاز لابتوب لطالب واحد من كل أسرة إذا زاد عدد الطلاب الدارسين في المدرسة من هذه الاسرة عن طالب واحد. 

لا أعرف فؤاد هايل بقدر ما أسمع عن أعماله الخيرية الأخرى، ولكي أكون صريحاً فقد أرسلت له في إحدى المرات قبل سنوات "واتس اب" عن حالة مرضية صادمة لطفلة، ودونت له كل البيانات ورقم والد الطفلة واسم المستشفى ورقم الدور وسرير الرقود ورغم أنه قرأ الرسالة فهو لم يجب. 

البعض يقول إن فؤاد يحتاج وساطة أو شخصا معروفا معه ليحدثه عن هذه الحالات. 

وأنا أرى أيضا ربما لوجود أشخاص كثر يعرضون حالات مرضية للمساعدة غير صحيحة، جعل فؤاد يأخذ حيطته في هذا الأمر، والله أعلم.

مع الإشارة إلى كفالة الأسرة لمعيشة أسر يمنية هنا بشكل كامل بما في ذلك تدريسهم في "ايماس".

أنا بهذا المقال حاولت نقل ما أعرفه والمسه دون تزلف أو رياء، رغم أن المجموعة وأعمالها واسرة هايل سعيد ليسوا بحاجة لشهادتي، فأعمالهم تعرف بهم في داخل اليمن وخارجه. 

لكن ما دفعني للحديث بهذا الكلام هو إصرار البعض على محاولة الإساءة لهذه الأسرة باسم "الفساد" و"السرقة" امتداداً لتقرير خبراء مجلس الأمن الذي أدان فيه الخبراء أنفسهم بأنهم وضعوا اتهاما دون أدلة أو إثبات.

أسرة هايل سعيد وغيرها من البيوت التجارية الخيرية هي مبعث فخر لنا كيمنيين جميعاً، وهي رأس مالنا الوطني الذي استمر في الأعمال الخيرية ثم الامدادات الغذائية للمستهلكين شمال الوطن وجنوبه رغم الحرب والمخاطر، وقد تعرضوا لخسائر مالية كبيرة فضلاً عن استشهاد وجرح الكثير من عمال مصانع هايل وغيرها من الشركات اليمنية الأخرى بسبب قذائف وقصف الحرب. 

كانت تعز قرية تعج بالبؤس والخراب لولا مشاريع هذه المجموعة الخيرة طوال عقود خلت ثم مؤسساتها التجارية التي استقطبت عشرات الآلاف من تعز وغيرها من المحافظات للعمل والاسهام في صنع التنمية في البلد ككل.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان