ترتيب الأولويات
الساعة 10:25 مساءً

 

تكاليف الابتعاث الى الخارج يكلف اليمن في السنة مابين 50 الى 56 مليون دولار وهذا مبلغ صغير لغيرنا كبير لنا. فبهذا المبلغ  نستطيع انشاء "جامعة جديدة" في سقطرى  او المهرة او اي جزيرة بعيدة عن الصراعات فريدة في المنطقة مع توائمة حقيقية وليس استنساخ للمدارس الثانوية, والتي يطلق عليها جامعات, لاسيما اذا اعتبرنا هذا المبلغ القيمة التشغيلية للجامعة الجديدة, والتي سوف تكون القاطرة التي تسحب العملية التعليمية برمتها, وقفت الحرب او استمرت مافرقت لان المنطقة معزولة. فكيف يكون ذلك؟

هل تعلمون اننا ب 14,5 مليون دولار يكفي ان نستقطب 208 بروفيسور و دكتور من اوروبا الى اليمن براتب متوسط 5800 دولار شهريا او 416 يمني مؤهل عالي براتب 2400 دولار شهريا  في جزيرة سقطرى او المهرة بعيد جدا عن الحرب والصرعات القادمة, والذين يستطيعون ان يغطوا اكثر من 30 تخصص علمي بمعدل 7 بروفيسورات في كل تخصص مع دراسات عليا .  المبلغ 5800 دولار شهريا اكثر من مرتبات السعودية والامارات للدكاتر من بولندا والمجر, والتي تتراوح في الغالب مابين 3300 دولار و 5800 دولار.

 والجزء الثاني ال 14,5 مليون دولار ينفق في البحث العلمي بحيث يأخذ كل بروفيسور 70 الف دولار سنويا تقريبا حتي يتم انشاء بيئة بحثية خصبة لمجموعته تستقطب القطاع الخاص للمنطقة كارافد اضافي للبحث العلمي وبذلك نكون حفرنا قاعدة بسيطة لنقل ولتوطين المعرفة دون تكلفة.
والجزء الثالث ال 14,5 مليون دولار يمكن تقسيمها الى قسمين: اما الاول اى 7,25 مليون دولار فهي للشئون الادارية كمرتبات والتزامات شهرية بمعدل 610 الف دولار تكفي رواتب 750 موظف يمني بمعدل 600 دولار شهريا, اي تقريبا اكثر من 250 الى 320 الف ريال وبإضافة 22 كادر اداري اجنبي عالي الخبرة لتحقيق الارتباط الخارجي ومعايير الجودة والتوائمة الحقيقية, وال 100 الف الباقي لفنين وسائقين (عدد 100 موظف) وال 70 الف دولار منها منح دراسية داخلية  تكفي 700 طالب فقير متفوق بمعدل 100 دولار شهرياً. الجزء الثاني من 14,5 مليون دولار اى 7,25 مليون دولار يكفي ان تكون ميزانية ل30 تخصص وبمعدل 250 الف دولار سنويا كإدارة تشغيلية لكل تخصص "للمعامل والورش ومساعدي التدريس وغير ذلك", والتي لا تتوفر اصلاً في الجامعات الحكومية.

لا ننسى ان مثل هذه الجامعة سوف تكون ورشة انتاجية مربوطة بالخارج و بالقطاع العام والخاص في الداخل ان وقفت الحرب او المنطقة, مما يزيد من الروافد المالية وبذلك الامكانيات البحثية, التي سوف تعمل على نقلة نوعية كبيرة في المجتمع. الجامعة سوف نحشد لها دعم دولي بحيث تكون منارة للفكر والمعرفة. هذه الجامعة سوف تون بيت الخبرات ومخزن الجينات الفكرية وهي من سوف تحافظ على الهوية اليمنية. طبعاً بشرط ان الادارة لا بد ان تكون غير يمنية, اذا اردنا النجاح, غير ذلك استنسخوا الفشل. اي نريد هنا فقط دعم الدولة مرحلي يتقلص مع السنوات لاسيما وهناك سوف يكون موارد إضافية من رسوم التعليم الموازي ومن بعض الجهات المانحة, التي تقدم البرامج المتخصصة والدعم الفني للجامعات في شكل مشروعات تلبي احتياجاتها لكي تطور نفسها وتستقل بمواردها فلا تشكل اعباء اضافية كبيرة وتحدث نقلة تنموية جبارة تكون هي عقل البلد، فهل فهمنا ان التعليم العالي والحكومة لا تستغل تلك الموارد الاستغلال الأمثل نتيجة لغياب الرؤية الاستراتيجية.

يبقى من المبلغ المذكور ال 56 مليون 12,5 مليون دولار سنويا, والذي يمكن ان ينفق في الابتعاث لطلاب دراسات عليا ونادرة الى المانيا, والتي تكفي 1531 طالب وطالبة وبمنحة مالية اكثر من الموجودة اى 700 دولار شهريا لاسيما والدراسة والرسوم الجامعية في المانيا او فرنسا او كثير غيرهن بدون مقابل. وهذا ما ادركه الاخرين, فعندي في قاعة المحاضرات في تخصص واحد فقط 80 طالب اجنبي من الهند والصين و باكستان وتقريبا 4 عرب. و السؤال الاخير كم سوف تكون الطاقة الاستعابية لهذه الجامعة؟

لكي اسهل لكم الاجابة سوف تكون القدرة الاستيعابية في المرحلة الاولى 11 الف طالب وطالبة و 600 باحث وبعد 6 سنوات يمكن نتحدث عن 22 الف طالب وطالبة ونحن نتحدث عن جامعة بامكانيات تعليمية غربية وليس وطنية. فجامعة تعز و ميزانيتها في ايام الاستقرار اي قبل الحرب كانت لا تتجاوز 6,61 مليار ريال سنويا تقدمها الدولة من اجل 24 الف طالب, حتى نستطيع ان ندرك اننا نتكلم على اكثر من هذا العدد بجودة عالمية ولتستمر الحرب او تتوقف نكون صنعنا في سقطرى او المهرة معجزة ومنفذ حياة تكون قاطرة تغيير.

الان واحد بيطلع ويقول هل هناك دراسة لذلك نبدأ العمل بها الان من دون اضاعت وقت, سوف اقول نعم مع مخطاطات هندسية وانشائية ودراسة اقتصادية كاملة, ممكن تعطينا الامكانيات نبدأ حتى الان. واحد اخر بيقول طيب ليش ما نسيب الناس تبتعث للخارج, فهل عندك مشكلة مع ذلك؟ 

ياخي المبالغ تصرف في تخصصات يمكن تدريسها في اليمن ونحن دولة فقيرة نريد نحدث تنمية داخل البلد, من دون اهدار وقت وشباب ومال والابتعاث بقصد اكتساب مهارات او خبرات وثقافات يمكن ان نحققها بتوئمة حقيقة وابتعاث فصلي كما يعمل بقية العالم. كثير من الجامعات, التي يدرس بها طلاب اليمن خاصة في اغتراب ليست بذلك الحجم  والجودة, واذا كنا نريد نستمر في الابتعاث, فيجب ارسال الطلاب لالمانيا او فرنسا على الاقل. طيب ليش المانيا بالذات او فرنسا؟

السبب بسيط الدراسة في المانيا بلاش كما نقول والجودة عالية وعلومهم تطبيقية صناعية اوطبية درجة اولى وامكانيات العمل التعليمي للطلاب المتفوقين موجودة وبشكل متوفر, اي الطالب يمكن يعمل 20 ساعة او 40 ساعة في الشهر في معمل في ابحاث يستفيد منها ويتعلم الكثير عند بروفيسور معين والقانون يسمح. لذلك توجد ميزانيات, لكن لانختار الا المتفوقين, اما الطلاب العاديين نقول لهم اجتهدوا ثم تعالوا. وطلاب الدراسات العليا لديهم امكانيات افضل بشرط ايضا الانتاج البحثي والمثابرة والتكامل مع الفريق في التدريس والبحث, لذا سوف يجدون اعمال في اقسامهم وفي ابحاثهم يستفيدون مابين 400 الى 700 دولار شهريا حسب نشاطهم زيادة على منحة اليمن. ويكفي هنا فقط دعم اليمن لطالب الدكتوراه في الغرب سنتين كون هناك امكانية تحفز الطالب استغلالها وهي في كل جامعة وقسم وعند كل برفيسور برامج سندويش برجرام او منح داخلية او مشاريع ومن هم في الطب فامورهم اسهل لانهم يجدول وظائف أو نصف وظائف بحثية وبذلك نتيح القدر لطلاب ابتعاث اكثر.

طيب ما بدنا نعمل جامعة, و بدنا نظل نعك في التخطيط, هكذا كما وجدنا من هم قبلنا, كم ممكن نبتعث طلاب الى المانيا بما انك تريد المانيا؟ بالمبلغ المذكور اي الذي تنفقه الدولة يمكن ان نبتعث 6862 شخص الى المانيا, اي اكثر مما ابتعثنا ب 500 طالب وبجودة المانية افضل من الابتعاث الى جامعات خاصة لا يعترف بها بسهولة. اي يمكن نجمع كل طلاب اليمن هنا في الغرب بدل عبث الابتعاث والجعثثة.

هل يمكن تنسيق ابتعاث بهذا الحجم لدولة او دولتين او خمس فقط ؟ وهل يمكن المتابعة والمراقبة التعليمية وربطهم باليمن بمشروعات نقل المعرفة والعلوم؟ ياخي انت بدك فقط تكارح على الفاضي. اولا عندنا في العالم 51 سفارة يمنية وقنصلية  مع الملحقيات الثقافية والسياحية. كل الملحقيات لم تقوم بانجاز خطوة واحدة لنقل المعرفة برغم حجم الابتعاث اي الكل يشتغل فقط بريد وسع الكريمي . ثانيا ممكن لو عرفنا اننا نعيش في مطلع القرن الواحد والعشرون اي الاتمتة للعمل والمتابعة والمراقبة بوجود عدد قليل من المشرفين والموظفين, اي بدل من 51 ملحقية  او حتى 40 ملحقية  في العالم في كل ملحقية ثقافية 2 الى 4 موظفين اي نتحدث نحن عن100 الى 200 موظف فقط في الملحقيات, نحن قادرون ب 60 موظف فقط ننسق كل العمل واقول كل العمل بما في ذلك الورش لنقل المعرفة. ايش سوف تستفيد الدولة من تغيير كل ذلك؟  وما هي اهمية الابتعاث بما انك تتفلسف؟ 

والاجابة كما عمل الالمان في بداية الثورة الصناعية الاولى فقد بعثت طلابها لبريطانيا لهدف واحد فقط ليس لكي يجدون وظائف هناك ويبعثوا فلوس ل اهاليهم في المانيا مثلا وانما لنقل المعرفة واستخدامها وتوطينها دخل مجتمع فلاحين بصفة عامة مقارنة مع بريطانيا العظمى، ولم يمر ٣٠ سنة الا والمانيا افضل من بريطانيا، وايضا كملوا الامر انهم استقطبوا بريطانيين اصحاب معرفة، وهذا ماحبيت اقولة باستقطاب اجانب في اطار جامعة تكون بيت المعرفة ومنتجها. وايضا اليابان بعثت طلابها ليس لدول عادية وانما لمن فجر الثورة الصناعية الثانية وحتى الثالثة في اوروبا وهي المانيا وايضا الصين كان ابنائها في امريكا والغرب وايضا الهند بمعنى اعتمدوا على ابنائهم لنقل المعرفة، وعلى سياستهم الداخلية لاستخدامها وتوطينها ونشرها. 

طيب فهمنا، لكن لم نفهم ايش منتظر من التعليم العالي انت؟ التعليم العالي له مهمة مفصلية فقط  في سحب المجتمع معرفيا ومن ثم تنمويا الى هذه الالفية وهناك طرق مختلفة وخطط, اقلها واقول اقلها ان ابتعاث الطلاب والطالبات ليس فقط من أجل التأهيل لهم، وانما نقل المعرفة كونهم جنود لحمل تطلعات المجتمع، وحتى لو لم يرجع البعض, لكن الجسور والشبكات والورش والاستقطاب والمؤتمرات وربطهم بالجامعات اليمنية, مايجب ان تقوم به. لا ادري لماذا عندي انطباع ان مؤسسات الدولة لاتدرك ماتعمل، ومالهدف من عملها؟ لكن هناك سؤال لماذا الكثير لم يرجع بعد الابتعاث وهل هذه مشكلة؟

بالعكس نحتاج ان البعض منا يظل ويكبر في علمه ومكانه في الغرب واقول البعض وذلك ل يسيس عمله وامكانيته وعلاقته لنقل المعرفة لوطنه مثل ما عمل ابناء الصين والهند وارتفعوا كدول صاعدة متقدمة بجناحين جناح في الداخل واخر في الخارج. لكن ياخي هناك مشاكل مناهج تعليم قديمة ومشلولة وبنية تحتية هالكة ، وايضا دكاترة مرهقين في الداخل ودون مرتبات، وهناك ٣٩٠ الف طالب يحتاج تأهيل، اليس الافضل نهرب من البلد؟ 

اذا شكلك لم تفهم ما كتبت يمكن تعيد قرأة المقال، فما سبق كان مثال لترتيب الأولويات من بند الابتعاث التي  تمنح دولة خالية من الفوضى و الضغوطات والفساد والظلم, ويمكن ان تعيد ترتيب الأولويات بنفس السياق في الصحة و العلاج في الخارج او غير ذلك .

طيب هناك سؤال اخر، لماذا لم تتحدثوا مع القيادة حول التعليم من قبل؟  والاجابة تحدثنا لكن من هو في داخل مغارة، وفكره فقط منح لاهله واصحابهم ليس سهل تقنعه ان هناك عالم اخر ركائزه تخطيط اقتصاد المعرفة والعمل؟ 

لذا اولا نحتاج مكنسة.
 

* موضوع نشر من قبل
الارقام من عام 2017 و اعتقد ان الارقام الان 
تغيرت باتجاه الاعلى وليس الاسفل

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان