من وثائق الخارجية البريطانية بعد مرور 100 سنة عليها..
الساعة 10:33 مساءً

 

الشريف حسين بن علي الذي قاد الثورة العربية ضد الدولة العثمانية بدعم بريطاني، فتم مكافأته بدعم آل سعود ضده وانتزاع ملكه ونفيه إلى قبرص

 قصة طويلة لكنها تجيب عن تساؤلات كثيرة تدور في أذهاننا، وتجيب على الوضع المأساوي الذي يعيشه العرب اليوم، سواء الدول المدمرة بالحرب، او تلك التي ترى انها ناجية، والتاريخ يؤكد انها لن تنجو.. 

 ولد الشريف حسين بن علي عام 1845 في إسطنبول بالدولة العثمانية وتوفي في عمان بالأردن عام 1931، وبين هذين التاريخين حصلت أحداث عظيمة، مؤلمة لتلك الأسرة، لكنها ملهمة لغيرها ممن يعتبر ويتعض وهم قليل.. 

 تقول دائرة المعارف البريطانية إن الشريف حسين بن علي ظل أميرا على مكة بين عامي 1908 و1916 ثم ملكا على الحجاز بين عامي 1916 و1924.
وبعد حصوله على دعم من بريطانيا في سلسلة من الرسائل المعروفة باسم مراسلات الحسين- مكماهون، قاد الثورة العربية ضد الحكم العثماني خلال الحرب العالمية الأولى.

الثورة العربية الكبرى.. 
شهدت الفترة يوليو عام 1915 ومارس عام 1916 مراسلات حسين- مكماهون حيث تبادل السير هنري مكماهون، المفوض السامي البريطاني في مصر، والأمير حسين بن علي، أمير مكة في ذلك الوقت، الرسائل التي قدم فيها البريطانيون تعهدات معينة تجاه العرب مقابل دعم العرب للبريطانيين ضد العثمانيين خلال الحرب.
وفي يونيو عام 1916 بدأت الثورة العربية ضد تركيا، حليفة ألمانيا، وهي الثورة التي عمل البريطانيون بجد على تشجيعها.
وفي أكتوبر عام 1916 نصّب الشريف حسين بن علي نفسه ملكا على بلاد العرب، على الرغم من أن الحلفاء اعترفوا به رسميا فقط كملك على الحجاز.
واتجه ضابط الاستخبارات البريطاني توماس إدوارد (لورانس العرب) للجزيرة العربية وعمل مع القوات العربية غير النظامية لعامين متتاليين، وأصبح ضابط اتصال ومستشارا لفيصل، نجل زعيم الثورة الشريف حسين بن علي في مكة.
وقد كان لورانس تكتيكيا مميزا ومنظرا مؤثرا للغاية في حرب العصابات ضد الأتراك، فقد هاجمت قواته غير النظامية الصغيرة والفعالة طرق الاتصالات والإمداد التركية وحالت دون مشاركة الآلاف من القوات التركية في القتال ضد قوات الحلفاء بقيادة الجنرال إدوارد اللنبي.

 كان الهدف الأسمى للورانس هو مساعدة العرب على تحقيق النجاح العسكري الذي من شأنه أن يؤدي إلى الحكم الذاتي بعيداً عن الدولة العثمانية بعد الحرب.
وفي يونيو عام 1917 حققت القوات العربية أول انتصار كبير لها حيث استولت على ميناء العقبة ذو الأهمية الاستراتيجية على البحر الأحمر، واستمر النجاح حيث شقوا طريقهم تدريجيا شمالا.

 فرساي والمملكة السورية.. 
وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى وانتصار الحلفاء وانهيار الدولة العثمانية، مثل حسين في مؤتمر فرساي للسلام ابنه الثالث فيصل، لكنه رفض التصديق على معاهدة فرساي (1919)، رافضاً الانتداب على سوريا وفلسطين والعراق من قبل فرنسا وبريطانيا، وهنا كانت البداية.. 
 وفي الواقع أن أنظمة الانتداب كانت قد سبقتها خطوات تمت أثناء الحرب العالمية الأولى، فقد كانت بريطانيا وفرنسا وروسيا قد توصلت في مايو عام 1916 إلى اتفاقية سايكس بيكو والتي بموجبها سيتم تدويل الجزء الأكبر من فلسطين.
ومما زاد الوضع تعقيدا، قيام آرثر بلفور، وزير الشؤون الخارجية البريطاني حينئذ، بتوجيه رسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد (وعد بلفور) يعرب فيها عن تعاطفه مع "إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين مع تفهم أنه لن يتم عمل أي شيء من شأنه المساس بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين".
 يذكر أن لورانس حضر المؤتمر مع فيصل وكان يأمل بأن يعاد رسم الحدود في المشرق العربي استنادا إلى معرفته بالمناطق المعنية وسكانها، فطرح مقترحات تلغى خطة التقسيم التي تم الاتفاق عليها عام 1916 بين سير مارك سايكس وفرانسوا بيكو ممثلين عن بريطانيا وفرنسا، حيث اقترح حكومتين منفصلتين للمناطق الكردية والعربية في العراق الحالي، وحكومتين منفصلتين للعرب في بلاد الرافدين والأرمن في سوريا، غير أن البريطانيين والفرنسيين كانوا قد اتفقوا، قبل بدء مؤتمر باريس، على مستقبل الأراضي العربية التي كانت خاضعة لتركيا، وكيفية تقاسم النفوذ فيها بينهما.
 وفي 20 مارس عام 1920 حضر مندوبون من فلسطين المؤتمر السوري العام في دمشق الذي أصدر قرارا برفض وعد بلفور وانتخب فيصل الأول نجل الشريف حسين بن علي ملكا على سوريا الموحدة (بما في ذلك فلسطين)، ولكن بعد أسابيع قليلة فقط قسم الحلفاء المناطق التابعة سابقا للإمبراطورية العثمانية المهزومة في مؤتمر السلام الذي عقد في سان ريمو بإيطاليا في إبريل عام 1920، وبحلول يوليو عام 1920 أجبر الفرنسيون فيصل على التخلي عن مملكته، وغادر فيصل سوريا إثر الاحتلال الفرنسي لها.
 وفي غضون ذلك، أقامت بريطانيا منطقة نفوذ في العراق، ولتخفيف مقاومة الحكم البريطاني، قررت بريطانيا في مارس عام 1921 رعاية فيصل كملك للبلاد، وقد ظل جالسا على العرش حتى عام 1933.

 نهاية مملكة الحجاز
تقول دائرة المعارف البريطانية إنه في مارس عام 1924 نصب الشريف حسين بن علي نفسه خليفة للمسلمين، لكن الحرب مع عبد العزيز آل سعود كانت وشيكة، وشن إخوان طاعة الله الموالين لآل سعود هجوما على الطائف في سبتمبر من ذلك العام، ولم يكن الشريف حسين بن علي مستعدا لصد ذلك الهجوم، ونجحت قوات آل سعود في دخول الطائف ومكة عام 1924.
وفي 5 أكتوبر من ذلك العام تنازل الشريف حسين بن علي عن العرش لنجله الأكبر علي، وقد نقله البريطانيون إلى منفاه في قبرص التي بقي فيها حتى العام 1930، ثم عاد إلى الشرق الأوسط ليعيش مع ابنه عبدالله في شرق الأردن (الأردن حالياً) حيث توفي هناك عام 1931.
 وللحسين بن علي اربعة أبناء هم علي وعبدالله وفيصل وزيد، وخلف علي والده في عام 1924 كثاني ملوك الحجاز، لكنه تنازل في العام التالي مباشرة، وأصبح عبد الله ملكا على شرق الأردن (الأردن فيما بعد)، وأصبح فيصل ملكا على العراق باسم فيصل الأول، وكلها بترتيبات بريطانية، دعمتهم لتفكيك الدولة العثمانية، ثم دعمت غيرهم عليهم كما تفعل مع كل من تحالف معها ونفذ رغباتها وسلمها رقبته..

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان