كورونا رسالة حقيقية إلى العالم
الساعة 09:32 مساءً

 

تعال بنا إلى كلمة (خاضعين) في قوله جل مجده: ﴿إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ ءَایَةࣰ فَظَلَّتۡ أَعۡنَـٰقُهُمۡ لَهَا خَـٰضِعِینَ﴾ [الشعراء ٤]
 لننظر ظلالها من خلال مثالٍ واحد من أمثلة الحياة، وصورة جورج فلويد وعلاقتها بالرسالة يأتي ذكره في الجزء الثاني من هذه الرسالة:
 وإليك نص الرسالة:
أيها العالم الإنساني: 
نحن منكم.. نشعر بالألم الشديد عندما نرى الإنسانية يغزوها هذا العدو الخفي، فيجرعها آلامًا شاقة.. 
(كوفيد 19) يمثل كارثة حقيقة، ظاهرة طاغية.. يمثل جائحة مفجعة تعم الأرض، يمثل تحديًّا ضخمًا أمام الإنسانية.. بلاء جارفًا أفقدنا الكثير من أحبائنا.. لكن هذا "الفيروس" يوفر فرصة نادرة للإنسانية لكي تراجع حساباتها بدقة.
في القرآن الحكيم وصفٌ دقيقٌ جدًّا لمثل هذه الظاهرة؛ إذ يقول الله في وصفها: ﴿إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ ءَایَةࣰ فَظَلَّتۡ أَعۡنَـٰقُهُمۡ لَهَا خَـٰضِعِینَ﴾ [الشعراء ٤]، 
كلمة{آية} لها مدلولات واسعة، ومنها: آية بمعنى ظاهرة أو علامة تجعل من يراها أو يشعر بها يفكر بما وراءها..
إن كورونا آيةٌ كونية ترى أمامها كل قوى الأرض البريئة والظالمة خاضعة الأعناق.. 
عندما ترى الدول تتحول إلى قراصنة تسرق الكمامات الطبية ترى هناك (الأعناق الخاضعة)
عندما ترى القوى الدولية التي تجوب البحار والفضاء لا تملك العدد المناسب من أجهزة التنفس الاصطناعي.. هناك ترى (الأعناق الخاضعة).
1:26عندما تعجز كل شركات الأرض الطامعة الجشعة عن إنتاج العلاج المناسب لأكثر من أربعة أشهر... هناك ترى (الأعناق الخاضعة).
عندما تتوقف جميعُ الأنشطة التجارية والصناعية الضخمة المشروعة وغير المشروعة ...هناك ترى الأعناق الخاضعة 
عندما تتوقف المحركات الجبارة للحياة الإنسانية المبدعة... في الجوانب البناءة المضيئة، وفي الجوانب المظلمة المدمرة.. هناك ترى الأعناق الخاضعة 
عندما تتوقف لو لفترة قصيرة مراكز المؤامرات القذرة، ودور الإجرام والرذيلة، ومؤسسات أكل أموال الناس بالباطل.. عندما تقتصد البشرية من الملوثات البيئية. هناك ترى الأعناق الخاضعة.. سواء أكانت هذه الأعناق خيرة أم شريرة.. بريئةً أم ظالمة.
2:19اقتحم (كوفيد19) أعظمَ الحصون الآمنة في العالم، وأبعدَها عن أن تصاب بأدنى ضرر: 
هل أفادت مع هذا البلاء القنابل الذرية؟ هل أفادت الأسلحة المتطورة؟ 
(كوفيد19) ليس إلا تحديًا صغيرًا لا تراه عين الإنسانية... لكنه هزم الصواريخَ والمخابراتِ والفرقعات السخيفة لحروب النجوم.. هزم الجيلَ الخامس للاتصالات؟ 
أيها العالم الإنساني.. يا قادة الدول المتحدة والمتفرقة: 
جاءت (كورونا) لتكون تذكيرًا للبشرية بحجمها وقوتها.. إنه كائنٌ لا يرى لكنه يوقف نشاط العالم.
تصور كيف اخترق هذا الفيروس حاملة الطائرات الأمريكية "يو اس اس ثيودور روزفلت"، تصور كيف هاجم 40% من أفراد طاقم حاملة الطائرات (شارل ديغول).. لم يستطع أحد أن يقف أمام هذا العدو الصغير الخفي.. هناك ترى الأعناق الخاضعة.
عندما ترى رئيس وزراء دولة نووية يدخل العناية المشددة، هناك ترى الأعناق الخاضعة. 
جمع هذا الفيروس بين سرعة الانتشار، وخطورة الأثر، والذكاء في الانتقال والتلاعبِ بالجسد.. والتلاعبِ بالإنسانية كلها..  هذا الفيروس لا يبالي بلون بشرتك.. لا يبالي كم تملك من المال.. إنه جائحة تنقض على الجميع: على الظالمين والأبرياء الصادقين.. تنقض على الملوك والأمراء والرؤساء والأغنياء والشعوب والكادحين. 
تقف الإنسانية أمام هذا الوحش الصغير صغيرة ضعيفة مهزومة، وهو أصغر وأقوى من ذباب اختطف شيئًا من البشرية فعجزَت أن تسترده مهما طلبته: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73].
أجل ضعفت الإنسانية الطالبة للعلاج، وضعف الفيروس المطلوب، ولكن النتيجة كارثة.
خفتت أضواء لاس فيغاس على الرغم من محاولات إنعاشها.. نامت وول ستريت، نقود نيويورك باتت أقل قيمةً من أوراق الحمامات، ذهب وهج نار الآبار النفطية.. سور الصين العظيم لم يمنع هجوم الفيروس الصغير الخفي.. الأقمار الصناعة وقفت حائرة بلهاء غبية.. المخابرات الأسطورية.. تبحث عن أقنعة وأغطية من عدوٍ لا تراه.. الطائرات أجبرت على أن تكون خاضعة ملتصقة بالأرض.. هناك ترى الأعناق الخاضعة
لكن هذا البلاء لم يوقف الجشع الهائل للإمبراطوريات المالية التي تفاحشت ثرواتها في الوقت الذي يفقد فيه الملايين وظائفهم.
وقع هذا الوباء (كوفيد19) على الإنسانية.. فهل كان نتيجة لمؤامرة؟ 
هل هو ناتج عن خطأ مخبري خرج عن نطاق السيطرة؟ 
هل هو ثمرة طبيعية منطقية لغرور القوى القائمة الفخورة المتجبرة؟
البشرية أطلقت حالة الطوارئ القصوى.. لم تعد الإجابات الآن ذات نفع.. لكن الشيء الواضح أن أعناق الإنسانية ظلت أمام (كوفيد19) خاضعة عليها ستائر الحزن والقلق والخوف والغَبَرة..
أيها العالم الإنساني: نحن نرى أعناقنا خاضعة أمام هذا الوحش الصغير الخفي.. ماذا يمكن نفعل؟ 
ننتظر الإحصاءات اليومية لأعداد المصابين وأعداد الوفيات.. 
(كوفيد19) آية صغيرة.. يمكن أن نتخذ منها فرصة لمراجعة حياتنا حساباتنا:
فكروا في ساعة صفاء بعيدًا عن غرور السيطرة والقوة: 
أليس كوفيد19رسالة حقيقية لنا جميعًا؟ ألا يكون نذيرًا يوقظ الإنسانية التي سيطر على مراكز القرار في بعض دولها من يتمتعون بالظلم والغرور والاستكبار؟
ماذا يمكن أن يقول أعضاء مجلس الأمن؟ متى سيكونون حقًا مركزًا للأمن بدلًا من التلاعب بأمن العالم؟ ألا يمكن أن نتخلص من غرور السيطرة الأنانية ولو لمدة قصيرة؟
كورونا.. تجعل الأعناق الخاضعة تفكر مجددًا:
والله يخاطبها: ﴿إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ ءَایَةࣰ فَظَلَّتۡ أَعۡنَـٰقُهُمۡ لَهَا خَـٰضِعِینَ﴾ [الشعراء ٤] سواء أكانت العلامة التي تخضع لها الأعناق جاءت بقدرة خارجية أم من خلال تلاعب بعض البشرية.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان