الحل الوحيد لليمن
الساعة 01:59 مساءً

 عندما كنتُ أرى تراخي النظام وضياع هيبته، وتشظي المجتمع تبعاً لذلك، وتواري الفعل السياسي لإدارة مصالح الشعب، وانكفاء الاحزاب السياسية على ترتيب اوضاعها ومصالح اعضائها، وانحدارنا السريع نحو الهاوية، وبوادر انهيار الدولة على يد ضفعة القرن الدنبوع منذ توليه الرئاسة 2012، وبعد تولي الرئيس السيسي رئاسة مصر منتصف 2013؛ طالبتُ بحكم القبضة العسكرية، وكتبتُ آنذاك: أسأل الله أن يمنحنا سيسي يمني، وحينها شنّع عليّ الجميع لاسيما الإخوان في الاصلاح..

 كانت وجهة نظري اننا نسير باتجاه الهاوية، وسنفقد الدولة، ولابد من شخصية قوية تعيد العربة إلى مسارها الصحيح، لنخرج من النفق المظلم الذي دخلناه يوم 21 فبراير 2012 بتوافق الجميع على الدنبوع الكارثة، المبتهجين بشخصيته الضعيفة، وامكانية التحكم فيه؛ الداخل والخارج على حدٍ سواء..

 الأمن والاستقرار يجلب الرخاء وازدهار البلدان، ويجلب الاستثمارات المحلية والخارجية؛ التي من شأنها تشغيل اليد العاملة وارتفاع دخل المجتمع وضمان عيشه الكريم، وهذا إجمالاً أهم من الحرية التي أصبحت شماعة لتدمير الأوطان، ولازال بعض المغفلين يدندن حولها ويُنظِّر لها دون وعي؛ حتى بعد انهيار المعبد على رؤوس الجميع، وقد اصبح وغيره الملايين؛ مطرودين ونازحين عن بلادهم لعدة سنوات..!! 

اليوم، ارتفعت بعض الاصوات للمطالبة بتشكيل مجلس عسكري يقود البلاد، وهو مطلبٌ رائع في ذاته وخاطئ في توقيته، فلا الزمان زمانه، ولا المكان مكانه، ولا الرجال رجاله، لاسيما بعد تصفية غالبية القيادات العسكرية المحنكة خلال سنوات الحرب العجاف، سواءً بالاستهداف المباشر كما حصل في الصالة الكبرى، او بالضربات الخاطئة والنيران الصديقة، او في الجبهات المختلفة وغيرها، ولم يتبق إلا المرضي عنهم والمأمون جانبهم، ومن يمكن ادارتهم والتحكم بهم بالريموت كونترول..!!

 سيستغرب الكثير من وجهة نظري السابقة آنذاك، لكني كنتُ على قناعة تامة؛ كانت تتعزز يومياً، بأننا بحاجة إلى العسكري القوي، فهو أكثر من يحافظ على بنية الدولة وإن كانت هشة، لأنه بتركيبته الشخصية وتحفزه النفسي وتربيته العسكرية يؤمن بالسلطة والنفوذ، ولهذا تجده اقل ارتهاناً للأجنبي الذي يريد ان يتحكم به؛ من السياسي الذي يرى ان وسائله محدودة في السيطرة على الحكم، بل ويرى ان الاجنبي بنفوذه وأمواله ربما يكون أحد مرتكزات حكمه ونفوذه وسيطرته..!!

سيقول قائل: لكن العسكري بطبعه مستبد، أقول نعم لكن استبداده الآن وفي وضعنا اليمني أقل ضرراً من الساسة الذين ادخلونا النفق المظلم وخرجوا لجني المكاسب.. الساسة العرب، وساستنا تحديداً أثبتوا انهم مجرد ادوات تبحث عن مصالحها، لاعن مصالح الشعب، ولديهم الاستعداد التام لتسليم البلاد للأجنبي دون أي مقومات أخلاقية قيمية، او سياسية وطنية.. لو بحثنا في حالتنا الراهنة، ومااسميناها عبثاً او ربما تفاؤلاً بعد 2011 بالجمهورية الثانية، سنجد ان من قتل الروح الوطنية وزرع البغضاء بين مكونات الشعب، ولازال يعمل على اتساع الخرق في النسيج المجتمعي؛ سنجده السياسي ورجل الدين أولاً، ثم الجزء المدجن من العسكر، وهو الجزء الباقي حالياً، ومن يتم تدريبه وتهيئته لتشكيل المجلس العسكري المزعوم..!!

 إذن اين الحل..؟ المعروف بداهةً ان الحل العسكري يعتمد على عنصر المباغتة كما عملت السعودية حين شنت حربها علينا في الساعات الأولى من فجر 26 مارس 2015 وبآلاف الضربات المركزة، حتى اعلن ناطقها انه في غضون 15 دقيقة فقط سيطرت السعودية على الأجوء اليمنية، ودمرت كامل المضادات الأرضية والدفاعات الجوية ومخازن السلاح والذخائر، وتدمير القواعد الجوية كقاعدة الديلمي وغيرها بكل محتوياتها من الطائرات ومراكز القيادة والسيطرة والاتصالات، وتدمير الصواريخ البالستية...!! اليوم؛ وبعد ست سنوات لايمكن الحديث عن هذا العنصر في التكتيك العسكري، وبالتالي لايمكن ان يكون الحل عسكرياً في اليمن، وأن الحل الوحيد لوضعنا الراهن هو إيقاف الحرب والعودة للسلام وفق تسوية سياسية ومصالحة وطنية شاملة لاتستثني احدا لاستعادة مابقي من اليمن الذي يتسع للجميع، وعلينا كيمنيين ان نقبل ببعضنا مهما تنافرت الافكار والرؤى، وان نتعايش ونتحاور لبناء بلادنا كعقلاء، او نستمر في هذا العبث الذي يجتثنا يومياً إلى ان نفنى أغبياء..

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

كاريكاتير

بدون عنوان